قضايا ودراسات

عالمية بينالي الشارقة

أسدل الستار قبل أيام على الدورة الثالثة عشرة من بينالي الشارقة.. الحدث الفني الثقافي والفكري الأبرز على مستوى الثقافات البصرية الجمالية في المنطقة بامتدادات عربية وعالمية قامت على تجارب فنية متعددة الأساليب من اللوحة الجدارية التقليدية، إلى فنون الأداء، والفنون المفاهيمية، والعروض الفيديوية والسينمائية، وكل ذلك في إطار فكري فلسفي هو التدرج الطبيعي للبينالي الذي بدأ منذ سنوات باقتراحات إبداعية إماراتية ما لبثت أن أصبحت عالمية «تجارب حسن شريف، محمد كاظم، عبدالله السعدي، عبدالقادر الريّس، محمد يوسف، عبدالرحيم سالم، نجاة مكي»، وغير هذه الأسماء التي ظهرت مع مطلع ثمانينات القرن العشرين، وظلت مخلصة للفن، وأكثر من ذلك أخلصت هذه الأسماء وغيرها كثير لثقافة الفن التشكيلي، واقتربت من النظريات والمفاهيم الفنية الجديدة.

وبكلمة ثانية، يحمل التشكيليون الإماراتيون ثقافة نوعية على صعيد التشكيل، وأنه من الإنصاف ونحن نتحدث عن بعض محطات التشكيل الإماراتي أن نتحدث أيضاً عن البينالي، فالبينالي هو تاريخ آخر للفن الإماراتي، وعالمية بينالي الشارقة وتنوعه الفكري والفلسفي وعمقه الإبداعي الدولي يرتبط بشكل أو بآخر بطبيعة التحولات الثقافية في الإمارات، أكثر من ذلك يرتبط بالتحولات الاجتماعية أيضاً، والوعي الاجتماعي الذي يتصل بالتعليم في الإمارات، ويتصل بالمشاريع والأفكار الثقافية التي نضجت وأصبحت أكثر عملية مع ظهور المؤسسات الثقافية في الإمارات التي اشتغلت منذ مطلع ثمانينات القرن الماضي على الفنون والآداب والكتابة الإبداعية، والمسرح، وسوف يكون الفن التشكيلي هاجساً عملياً بالنسبة لهذه المؤسسات.
نتحدث بشكل بانورامي عن الفنون في الإمارات، وبالتالي، البينالي، وهنا علينا أن نلاحظ أن بينالي الشارقة أسّس لثقافة نوعية تخص الفنون، أكثر من ذلك أسَّس البينالي لتاريخ الفنون في الإمارات.. البينالي بهذا الفهم هو في مجمله «وثيقة» و«أرشيف» و«مرجعية»، وهو اليوم بأمكنته العالمية أو جسوره العالمية يحتفي بالمعرفة، والتنوير، والإبداع الذي يصقل الروح والقلب، فيجمع بين التعدديات الثقافية والحضارية، ويقرّب بين أفكار المحبة والعمق والعقلانية العالمية.
الدورة الثالثة عشرة من بينالي الشارقة للفنون التي جاءت في إطار فكري فلسفي ضمن ثيمة (التماوج) ودلالاتها المعرفية كانت في الوقت نفسه دورة تربط الفنون الإماراتية والعربية بالعالم، وبالكيفية التي يفكر بها الفنانون بإبداعية متجاوزة للمحلية، فبينالي الشارقة تجاوز إلى بيروت، وإسطنبول، وداكار، هذا التجاوز الثقافي القائم على التفاؤل بالفنون من أجل إنسانية خالية من التعصب والانغلاق والأنانية النفسية والثقافية سيكون أكثر رحابة وحيوية في الدورات القادمة.
يوسف أبولوز
y.abulouz@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى