قضايا ودراسات

عقلانية الأسعار

كل ما في الإمارات ينطق بالجمال، وشاهد على ما أبدعت يد البناء والتشييد الإماراتية في جميع مجالات الحياة، وباتت مدنها الرئيسية حكايات فخر واعتزاز بما تحقق من إنجازات تحاكي روح العصر، وتتخذ من خطوطه العريضة استراتيجيتها التنموية، واقتربت أن تكون من أذكى مدن العالم، بنية تحتية عصرية، وخدمات صحية وتعليمية وحياتية، وتعامل بآخر صيحات التكنولوجيا في شتى مجالات المعرفة والاتصالات والإعلام والصناعة والزراعة، وغيرها.

أينما حللت في مدن الإمارات الرئيسية تجد الحاضر والمستقبل في موقع واحد، جنباً إلى جنب، شوارع عالمية المستوى مكتملة الخدمات، ومطارات سابقة لعصرها، خلية نحل لا تهدأ، لكن كل ما فيها يتحرك بنظام وسلاسة في إطار نظام عمل يرفض الأخطاء ويمجد التميز والإبداع، وموانئ تستقبل أكبر سفن العالم، وتشهد أضخم حركة تجارية بين وارد وصادر في حركة دؤوبة لا تهدأ، ومدارس وجامعات تتميز بمخرجات راقية ومستويات عالية، ومؤسسات صحية سبعة نجوم وأكثر، سياحية وشعبية تستوعب الجميع.
الحداثة والفرادة سمة لكل ما في الإمارات، الدولة الشابة ذات الخمسة والأربعين ربيعاً، وكل ما فيها يبعث على الزهو والفخر، إلا تكاليف الحياة فإنها مخالفة لقيم الجمال والسماحة والحضن الدافئ الذي يستوعب الجميع، والأسعار فوق الاحتمال، خاصة لذوي الدخل المحدود الذين يكتوون بنارها في صمت، ويتحملون آلامها.
فلماذا لا نبذل جهوداً إضافية، لتجنيب بلادنا سمعة صعوبة المعيشة فيها لارتفاع أسعارها، وتسهيل الحياة على الجميع؟ الإمارات التي رفضت الاعتراف بكلمة المستحيل وألغتها من مفردات قاموس معيشتها، وقهرت أصعب الظروف في مكافحة التصحر، ونشر البساط الأخضر، والتصنيع والبناء والتعليم والعلاج، من صنعت المعجزة وباتت الكيان الوحدوي النموذجي الذي يتمناه أنصار القوة والوحدة والتقدم، ليس صعباً عليها أن تخلق مجداً إضافياً بالانتصار على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية، ونصراً ساحقاً على أباطرة الاحتكار الذين يتحكمون في الأسعار وفق مصالحهم الخاصة فقط، والمبالغة في فرض إيجارات الشقق السكنية والمحلات التجارية في مبان بنيت منذ عقود وما زالت تدر ذهباً على مستثمريها وكأنها بنيت بالأمس القريب!! هل ستنجح الإمارات في هذه المعركة؟ لا مجال حتى للتساؤل، لأن النتيجة حتمية، ولا معنى لأن تصبح الإمارات المستوعبة لبشر من مختلف بقاع الأرض أن تصبح قوة طاردة لهم، خاصة إذا كانوا من فئات العمالة الضرورية في المراحل المقبلة لعمليات التنمية والبناء المستدامة.
كما باتت تحتل كثيراً من المراكز الأولى عالمياً، نطمح أن تتحول الإمارات بحق إلى الدولة الأولى على مستوى العالم التي قهرت التقلبات الاقتصادية لأنها تنتج وتستهلك وتصدر، والأولى التي يعيش فيها الثري ومتوسط الدخل ومحدوده كل في مستواه المعيشي المناسب له، لكنه يعيش.
ابن الديرة
ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى