فرص ميركل تتعاظم
في الرابع والعشرين من الشهر الجاري ستكون ألمانيا على موعد مع حدث سياسي كبير يتمثل بانتخابات البوندستاج/ البرلمان، وبناء على نتائجها سيتم تشكيل حكومة جديدة وتعيين مستشار جديد للدولة الرئاسية، ويتصدر الانتخابات مرشحان بارزان هما المستشارة الحالية أنجيلا ميركل، زعيمة التحالف الديمقراطي المسيحي، ومارتن شولتز، مرشح الحزب الديمقراطي الاشتراكي، وهي انتخابات مهمة على صعد مختلفة لأنها تأتي على وقع أحداث كبيرة تشهدها ألمانيا وأوروبا معاً منذ أشهر، عنوانها «الأمن»، الذي صار مقلقاً بفعل التهديدات التي تتعرض لها القارة العجوز في دول عدة.
تذهب معظم استطلاعات الرأي إلى تأكيد تعاظم فرص ميركل بالفوز في هذه الانتخابات، ما لم تحدث مفاجأة غير متوقعة، كما حدث في فرنسا مثلاً بانتخاب إيمانويل ماكرون رئيساً، ويعيد البعض ذلك إلى أن ميركل، وازنت بين مصالح بلدها ومكانتها السياسية في القارة الأوروبية وبين التزاماتها الإنسانية، حيث تعد ألمانيا واحدة من دول قليلة في أوروبا تسمح باستقبال المهاجرين إلى أراضيها وتكفل رعايتهم والعمل على إدماجهم في مجتمعها.
في استطلاع رأي بثه التلفزيون الألماني قبل أيام للاجئين ومواطنين ألمان من أصل عربي، أبدى الغالبية ثقة كبيرة بفوز ميركل، وهي تتسق مع الأرقام والتوجهات التي تكاد تجزم بفرص فوزها، فآخر الأرقام تظهر أن حزب ميركل يحظى بتأييد ضعف عدد الذين يؤيدون أقوى منافسيه.
وترى وسائل إعلام ألمانية وغربية أن الشعب الألماني أظهر التصاقاً أكثر بميركل، لما تمثله من قيم جسدتها «المرأة الحديدية» طوال ولاياتها الثلاث السابقة، حتى إنها شكلت انطباعاً لدى قطاع واسع من الألمان وغيرهم من أنها صارت بمثابة الضامنة لاستقرار البلاد، خاصة دورها المحوري في أوروبا، حيث تشكل مع فرنسا جناحي أوروبا الموحدة.
ما الذي يقلق أنجيلا ميركل؟
ببساطة، هما أمران «الأمن» و«الاقتصاد»، وتحت هذين العنوانين تخوض ميركل الانتخابات المقبلة، فهي تدرك أن المواطن الألماني صارت حاله حال المواطن في أوروبا كلها، قلقاً، من اتساع رقعة الإرهاب وتراجع الاقتصاد، وما لم تتم معالجة جادة لهما ستغرق ألمانيا في دوامة من الأزمات الاقتصادية والسياسية، مثلما هو الوضع في دول أخرى، وربما يدفعها هذا إلى التخلي عن قيادة أوروبا، كما هو دورها اليوم.
تدرك ميركل أن النجاح في محاربة الإرهاب سينعكس على ازدهار الاقتصاد، وازدهار الاقتصاد ستكون له تأثيراته في تثبيت الأمن، الذي لا يزال في حده الطبيعي في الوقت الحاضر، لكنه يمكن أن يتضرر في حال لم تقدم السلطات على محاصرة آثاره وتداعياته، سواء في ألمانيا نفسها أو في أوروبا، لذلك ترمي ميركل بكل ثقلها لمعالجة هذين الملفين، لأن النجاح فيهما سيحول ألمانيا إلى دولة أكثر قوة، وسيعطيها دفعة أكبر لتتشارك مع فرنسا في قيادة أوروبا، خاصة في ظل غياب بريطانيا، التي تلاشى تأثيرها في صناعة القرار في القارة العجوز، بعد التصويت على خروجها من الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من العام الجاري.
صادق ناشر
sadeqnasher8@gmail.comOriginal Article