قضايا ودراسات

فضيحة «تهويد» في القدس

يونس السيد
ليست المرة الأولى التي تلاحق فضائح بيع أملاك البطريركية الأرثوذكسية في فلسطين عموماً، والقدس بشكل خاص، القيادة اليونانية لهذه البطريركية، فهناك سلسلة طويلة من هذه الفضائح التي سقطت في براثن مخططات التهويد الصهيونية، ما يجعل من هذه القضية شأناً وطنياً وليس طائفياً يمس كل الوطن الفلسطيني، وفي المقدمة أبناء الطائفة الفلسطينية الأرثوذكسية الذين تصدوا مراراً لمثل هذه المحاولات.
آخر الفضائح التي فجرتها قيادة البطريركية الأرثوذكسية في هذا المجال، هي بيع أكثر من 500 دونم من الأراضي والعقارات التابعة للكنيسة في منطقتي الطالبية والرحفية في القدس المحتلة إلى شركة صهيونية في صفقة سرية أبرمت في أغسطس/آب الماضي، وما كان لها أن تُكشف لولا قيام ممثل البطريركية بتقديم اعتراض لبلدية الاحتلال في القدس بسبب تأخير صدور وثيقة التسجيل خشية استمرارها في دفع الضرائب المترتبة على هذه الأملاك. خطورة الصفقة، بحسب وسائل إعلام صهيونية، تتمثل في كونها بيعاً قطعياً مدموغاً ب«الطابو»، ما يعني أن قيادة الكنيسة التي أقرت بهذا البيع، بذريعة رفض سلطات الكيان تمديد عقود التأجير، بدأت تنتهج سياسة جديدة بعدما كانت تقوم بعمليات تأجير طويلة المدى للصهاينة، تمتد إلى قرن أو نصف قرن.
وكانت الكنيسة نفسها وقّعت قبل أكثر من عام على صفقة لبيع 200 قطعة أرض في حي الطالبية وحي المصلبة لمجموعة مستثمرين صهاينة، رغم وجود عشرات العائلات الفلسطينية التي تخشى، أنه بعد انتهاء عقود الاستئجار (بعد 30 عاماً)، إجبارها على إخلاء بيوتها.
ومسلسل الفضائح لقيادة هذه الكنيسة طويل جداً، ولا ينتهي، ومن ذلك فضيحة البطريرك إيرينيوس الأول الذي أقيل من منصبه بعدما باع ممتلكاتٍ للكنيسة تقع في القدس القديمة للمستوطنين اليهود عام 2005. وهنا لا بد من توضيح أن 60% من أملاك الكنائس المسيحية في فلسطين المحتلة عام 1948، والبالغة نحو مئة ألف دونم، وأغلبيتها العظمى أملاك وقفية للكنيسة الأرثوذكسية، ومن هذه النسبة 5500 دونم في القدس وحدها. والحقيقة أنه يصعب تعداد الجرائم والصفقات المشبوهة التي أبرمتها قيادات هذه الكنيسة بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني، وفي كل مرة كانت هذه الصفقات الإجرامية تلاقي رفضاً من أبناء الكنيسة الفلسطينيين أنفسهم، ومطالبتهم بتعريب قيادة هذه البطريركية اليونانية، ما يعني أن المسألة تعدت حدود الشأن الطائفي إلى الإطار الوطني العام، وبالتالي فإن القيادة الفلسطينية مطالبة بالتدخل بقوة لوضع حد لهذه الجرائم والعمل مع كل الجهات المعنية على تعريب قيادة الكنيسة الأرثوذكسية كمطلب وطني لكل الفلسطينيين.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى