قضايا ودراسات

فوضى التطبيع والمقاومة

يونس السيد
تحولت قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني ومقاومة هذا التطبيع إلى حالة من الفوضى وربما إلى إشكالية، بعد أن وصل التناقض إلى حد الاختلاف الصارخ في الدلالات والمفاهيم والمضامين التي تحملها سواء كانت تطبيعية أم ضد التطبيع.
هما مصطلحان سياسيان متناقضان، بل متصارعان وفي حالة اشتباك دائم، البعض يربط موقفه منهما بحرية الرأي والتعبير، والبعض الآخر يرى في الأمر تمسكاً بالمبادئ وتكريساً لثوابت الصراع مع الكيان الصهيوني. وفي كل الأحوال، فرض هذان المصطلحان نفسيهما بقوة على الساحة العربية بعد توقيع معاهدة «كامب ديفيد»، ثم اتفاق أوسلو واتفاقية «وادي عربة». الإشكالية هنا تتمثل في عدم وجود موقف موحد لدى مؤيدي أو داعمي كلا المصطلحين، ولا حتى داخل أنصار المصطلح الواحد.. في لبنان مثلاً، يمكن أن تجد الشيء ونقيضه في آن، كأن يمنع فيلم «المرأة الخارقة» لكون بطلته «إسرائيلية» خدمت في جيش الاحتلال، الأمر الذي أثار ضجة واسعة تجاوزت حدود لبنان، بينما تقوم الجهات الرسمية اللبنانية بشطب القضية الفلسطينية من مناهج التعليم، ليس بسبب الاختلاف على تاريخ القضية الفلسطينية وعدالتها، وإنما عقاباً لمنظمة التحرير الفلسطينية على دورها في لبنان حتى خروجها منه عام 1982، علماً أن لبنان لا يزال يستخدم رسمياً مصطلح «العدو الإسرائيلي».
وفي فلسطين تتخذ لجنة مقاومة التطبيع في نقابة المحامين موقفاً حازماً من عرض فيلم «المرأة الخارقة» وتحذر من التعاطي أو التعامل معه من خلال التسويق أو البيع أو المشاهدة، بينما تستعد شاشات التلفزة الرسمية الفلسطينية لعرض الفيلم مع أول أيام عيد الفطر المبارك، وهناك الكثير من الحالات المشابهة التي لا يتسع المجال لذكرها. لكن السؤال الذي يدور في الذهن أين تبخرت مكاتب المقاطعة العربية التي يفترض أن تكون حاضرة وموجودة ما دام لم يتم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية، وما دام العرب لم يعلنوا عن انتهاء الصراع مع الكيان الصهيوني.
وحسماً للجدل نشير إلى أنه لا يوجد موقف عربي رسمي بالتطبيع مع «إسرائيل»، فيما انحسر التطبيع لدى الدول العربية التي لديها اتفاقيات معها بالحكومات، ولكنها لم تستطع أن تفرض التطبيع الشعبي على أجندتها.
وبعيداً عن جبهات مقاومة التطبيع، فموقفها واضح ومعروف، ولا بد أن يكون هناك دور للجامعة العربية على المستوى الرسمي، لمنع الاختراقات «الإسرائيلية»، وضبط أو توحيد المواقف منها، وبعث الحياة في مكاتب المقاطعة العربية، حتى لا يظل الكيان الصهيوني مستفيداً من هذه الفوضى بذريعة غياب الإجماع العربي.

younis898@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى