قضايا ودراسات

في الحرب الإلكترونية

ابن الديرة

في الحروب الحاضرة، والاقتباس من محمود درويش، يعمل الزر الإلكتروني وحده، لا قاتل يصغي إلى قتلى ولا يتلو وصيته شهيد. القصد أن التقنية الحديثة تدخل اليوم في تفاصيل حياتنا كلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي يمكن من خلالها قياس اتجاهات الرأي العام، وبالنسبة إلى المسألة الخليجية القطرية اليوم، فإن هذا الاحتشاد الشعبي المجلجل وراء قرار الإمارات والسعودية والبحرين مصر، وغيرها، قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر متبوعاً ببقية الإجراءات، أمر يلفت النظر ويثير الإعجاب حقاً، حيث محمد بن زايد ومحمد بن سلمان أصبحا الاسمين الأكثر تداولاً على مستوى تويتر وفيسبوك وغيرهما، ما فضح مرتزقة قطر إلى أبعد الحدود، فلم يعودوا قادرين على الدفاع عن قضيتهم الخاسرة.
ملايين المغردين في الإمارات والسعودية والبحرين ومصر أسهموا، هذا الأسبوع، في الارتفاع بمحتوى وسائل التواصل، وأنبأ المضمون عن وعي عميق بتاريخ الأزمة ومسارها وطرق معالجتها، كما عن وعي بأخطاء، بل خطايا قطر، وكل ذلك عبر المعلومات الصادقة والأرقام الصحيحة، وعبر الربط المنطقي المحكم بين المقدمات والنتائج، والانتصار لقيم الحق والعدل بسَوق الحجة تلو الحجة.
في الضفة الأخرى، مضى مرتزقة قطر في التأسيس المستمر لذاكرة الخراب، وشن صبيان عزمي بشارة، وأولهم مذيعو «الجزيرة، هجوماً على الإمارات والسعودية ورموزهما، فبثوا سمومهم وأحقادهم في تعبير مفضوح عن هزيمة مبكرة، بل أعلن بعضهم، خصوصاً مع خبر «العثمانيين الجدد» الحرب على الإمارات والسعودية، فبدوا كمهرجين يحاولون إضحاك جمهور متخيل في مسرح مهجور.
وحسناً فعل النائب العام للدولة حين ذكر بأن مخالفة إرادة الدولة في الإجراءات الحاسمة المتخذة ضد قطر يعد جريمة عقابها تصل إلى السجن 15 عاماً، وغرامة 500000 درهم. ما يجب توضيحه هنا أن مخالفة الإجراءات تمثل خيانة حقيقية للوطن، وتعني تأييد معسكر التطرف والإرهاب، ولقد تأكد للجميع أن الشرذمة القليلين الذين شذوا عن القاعدة إنما هم المحسوبون بشكل مباشر أو غير مباشر على تنظيم الإخوان المسلمين. وغيره من تيارات الإسلام السياسي.
وكما أسهمت أزمة العام 2014 في التوضيح والفرز، فقد فعلت هذه الأزمة، وهي سليلة تلك وامتدادها، الأمر نفسه أضعافاً مضاعفة: الوطنيون والأحرار وأهل الحق والوفاء والانتماء في الكفة الراجحة أضعافاً مضاعفة، فيما مرتزقة قطر والقليلون ممن في حكمهم في الكفة الأخرى، كفة الخسارة والنسيان.
وفي كفة الوفاء والانتماء ازدحمت شرائح وفئات المجتمع جميعاً، على امتداد الرقعة الجغرافية العربية، من الماء إلى الماء، تعبر بالمعنى العميق، وبالنثر والشعر وكل فنون الإبداع، عن انتصارها للإجراءات المدروسة العادلة ضد قطر، راعية الظلام والتطرف والإرهاب.
ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى