في المسألة الكونغولية
فيصل عابدون
أثار مقتل عشرات اللاجئين البورونديين بنيران الجيش الكونغولي خلال مظاهرات اندلعت في إقليم كيفو، اهتماماً واسعاً دفع منظمة الأمم المتحدة لممارسة ضغوط على الحكومة لإجراء تحقيق ومحاكمة القتلة الذين تسببوا في وقوع المجزرة. لكن كينشاسا رفضت الاعتراف برواية المنظمة الدولية حول هوية الضحايا وتحدثت في المقابل عن وقوع قتلى بين جنودها بالرصاص خلال المواجهات التي قالت إنها جرت بين الجيش وعناصر ميليشيا مسلحة.
والحادثة هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة في مسلسل الرعب الذي يمسك بخناق هذا البلد الإفريقي المنكوب بأبنائه وجيرانه على حد سواء. فالكونغو الديمقراطية هي موطن المناضل الإفريقي الأشهر باتريس لومومبا، أيقونة النضال ضد الاستعمار وداعية الوحدة الإفريقية وزميل كفاح الزعيم المصري جمال عبد الناصر والجزائري أحمد بن بلة. لكن لومومبا مات مقتولاً بيد زعيم المتمردين مويز تشومبي الذي التهم كبده بعد قتله، لتدخل البلاد من بعده عصراً من الرعب والفظاعات لا نهاية له.
لقد تحولت الكونغو على مدى عقود طويلة وحتى العام 2003 إلى ساحة واسعة للقتال الدموي وتصفية الحسابات بين الدول المتصارعة والجماعات المتمردة المسلحة والميليشيات حيث شاركت في الحرب الأهلية الكونغولية قوات عسكرية من أوغندا ورواندا المجاورتين والمؤيدتين لحركة التمرد المحلية المناوئة للحكومة، كما شاركت فيها جيوش أجنبية أخرى وميليشيات مؤيدة لحكومة كينشاسا.
لكن نهاية الحرب الأهلية لا تعني بالضرورة عودة الاستقرار، فالصراع السياسي يتسبب في كوارث إنسانية، كما أن عشرات الميليشيات لا تزال تتصارع للسيطرة على الثروات المعدنية. وأكد المجلس النرويجي لشؤون اللاجئين في مايو الماضي أن الصراع في جمهورية الكونغو الديمقراطية خلّف ما لا يقل عن 1.5 مليون نازح خلال هذا العام، أي أكثر من ثلاثة أضعاف عددهم في سوريا وخمسة أضعاف عددهم في العراق. ويتعلق الأمر هنا بأعمال العنف التي اندلعت منذ أن رفض الرئيس كابيلا الابن التنحي عن السلطة عقب انتهاء ولايته في ديسمبر 2016.
وفي يونيو قال الأمير زيد بن رعد الحسين، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إن «ميليشيا بانا مورا» المدعومة من سلطات الكونغو ارتكبت جرائم مروّعة تشمل قطع أطراف الرضع وبقر بطون الحوامل فضلاً عن تدمير مئات القرى.
وأعلنت بعثة الأمم المتحدة في إبريل، أن زعيم ميليشيا «ماي ماي شيكا»، أحد أسوأ زعماء الميليشيات والمطلوب في جرائم ضد الإنسانية، سلم نفسه لقوات حفظ السلام، بعد أن تكبدت قواته خسائر فادحة في معارك مع ميليشيا منافسة.
ووجهت المنظمة الدولية في يوليو اتهاماً ل «عناصر» من جيش الكونغو النظامي بحفر معظم المقابر الجماعية التي عثرت عليها في إقليم «كاساي»، في أعقاب اشتباكات مع عناصر ميليشيا محلية.
Shiraz982003@yahoo.com