كرسي لمن في معارض التوظيف

محمد سعيد القبيسي
عندما تزور معرضاً للتوظيف وترى الترتيب والجمال والمنصات والأجنحة الفارهة، بتصاميمها المبدعة التي تبيّن حرفية المصممين الذين قاموا بصنع هذه المنصات، وترتيبها على هذا الشكل الجميل، وتأسرك أيضاً حفاوة الاستقبال في كل جناح، وما يقدمه من ضيافة، حتى تكاد تنسى أن تسلّمهم سيرتك الذاتية، وقبل خروجك من أي جناح يسلّمك أحد الموظفين هدايا تذكارية في حقيبة جميلة، تبرز شعار هذه الجهة، وهكذا من منصة إلى أخرى، ومن جناح إلى آخر، حتى تختتم المعرض، مغادراً على حلم، وأمل ذلك الاتصال الذي يزف لك البشرى باختيارك للوظيفة التي تحقق أحلامك، من خلال الحصول عليها، وبيت المستقبل، والزوجة، والأبناء.
وأثناء تجوالي في أحد معارض التوظيف فوجئت بزميل لي، وجدته يتابع إحدى الجهات العارضة، لتقديم طلب، فتعجبت منه كل العجب، وأنا أعرف أنه موظف في إحدى الجهات المرموقة، فسألته عن السبب، فبادرني بقوله: «تغيير».
وبعد أخذ، وردّ تبيّنت منه أسباباً عدّة لا تخصه بالذات، وإنما تشمل العديد من الطلبات التي وصل عددها بالآلاف، كما ذكرت الصحف.
ومن أهم هذه الأسباب التي تلمستها في مناقشاتي في المعرض: من يتطلع إلى راتب أعلى، ومنصب أرقى، ووظيفة ذات علاقات ونفع اجتماعي، ووظيفة قريبة من مكان سكنه، وأخيراً وظيفة تُرضي طموحه التخصصي.
كنت أعتقد أن جميع هذه الطلبات لشباب حديثي التخرج، أو ليست لديهم وظائف، ويبحثون عن عمل، ولو أحصينا الطلبات لهذه الشريحة لوجدناها أقل بكثير من أعداد الطلبات الهائلة الواردة إلى المعرض.
وحسب اعتقادي، هذا الأمر الذي دعاني إلى التفكير في اقتراح وضع ضوابط لتقديم طلبات الوظائف، وأن تعطى الأولوية لمن ليس لديه عمل، أو وظيفة حالية يعمل فيها، وأن تكون هناك مستويات، أو ترتيب للطلبات حسب الأولويات، على سبيل المثال: الأكثر حاجة وإلحاحاً، وطلبات تخصصية إبداعية لمستوى أصحابها، ومؤجلة، ولاغية، حتى نترك المجال للجميع، وحسب الأولوية.
هناك أمر مهم جداً بالنسبة إلى الأشخاص العاملين ويبحثون عن عمل آخر، حيث إن هذا الأمر وبشكل غير مباشر، قد يسبب ضعفاً للجهة التي يعملون فيها، في خسارة موظف أنفقوا عليه الكثير ليصل إلى المستوى الذي يلبّي متطلباتهم، فيذهب إلى جهة أخرى.
لا أريد أن أقصر في دور هذه المعارض في التعريف بسوق العمل والوظائف، بل بالعكس، إنها مركز تعريفي ضروري لتطلعات أجيالنا المقبلة إلى الحياة العملية، ولكنني أتطلع بالدرجة الأولى إلى كيفية تطوير هذه المعارض وإعادة النظر في استقبال الجهات للطلبات التي قُدمت إليها، وهل هي من الجهات التي تريد أكبر عدد يرتاد جناحها باستقبالها لكل الطلبات؟ أم التي ترى الطلبات المقدمة إليها، ولا تستقبل إلا الطلبات التي هي بحاجة إليها للنظر والبت فيها؟
المطلوب، تقرير يُرفع من جميع الجهات التي شاركت في هذه المعارض، لنعرف كم عدد الطلبات التي وصلتها، وكم عدد الذين تم تعيينهم، والله الموفق.
abudhabi@email.com