قضايا ودراسات

لماذا الحشد العسكري الأطلسي قرب روسيا؟

أليكس غوركا

في 29 إبريل/نيسان، انتشرت مجموعة من حوالي 50 عسكرياً من سلاح الهندسة الكندي في لاتفيا، وذلك في إطار «عملية التطمين» لحلف الأطلسي من أجل بناء قرية لحوالي 500 جندي.
من الواضح أن هذه العملية هي جزء من مشروع لبناء بنية تحتية واسعة، ما يعكس التزاماً على مدى طويل.
وفي أوائل إبريل/‏نيسان، كانت مجموعة قتالية لحلف الأطلسي بقيادة أمريكية تضم 1350 جندياً قد وصلت إلى قاعدتها «أورزيتش» في شمال شرق بولندا.
وجاءت هذه التحركات الأطلسية بعد أيام فقط من اجتماع مجلس حلف الأطلسي – روسيا في 30 مارس/‏آذار الماضي. ووصف الأمين العام لحلف الأطلسي ينس ستولتنبرج المحادثات مع روسيا في إطار المجلس بأنها «صريحة وبناءة». ولكن دول الأطلسي لم تلبث أن أخذت تردد اللازمة المعتادة حول «التهديد الروسي».
وفي منتصف مايو/‏أيار، بدأت وحدات من سلاح الجو البريطاني تمركزها في رومانيا. وقبل ذلك، في مارس/‏ آذار، كانت أول مجموعة من 800 جندي بريطاني قد وصلت إلى إستونيا مدعومة بحوالي 300 عربة عسكرية. وقال حلف الأطلسي إن هؤلاء الجنود «سوف يتناوبون الانتشار هناك مع قوات فرنسية ودانماركية».
وفي يناير/‏ كانون الثاني، كانت قوات ألمانية وبلجيكية قد وصلت إلى ليتوانيا وتمركزت على مقربة من جيب كاليننجراد الروسي (الواقع بين ليتوانيا وبولندا على ساحل بحر البلطيق).
وتقود بريطانيا المجموعة القتالية في إستونيا، في حين أن دولاً أخرى في حلف الأطلسي تنشر حالياً قوات في لاتفيا، وليتوانيا، وبولندا كجزء من «كتيبة الوجود المتقدم المعزز». وحتى الآن، انتشر حوالي 4000 جندي أطلسي مدعومين بدبابات، وعربات مدرعة، وغطاء جوي، ومراكز استخبارات متقدمة تكنولوجياً في بولندا، ولاتفيا، وليتوانيا وإستونيا.
وبموجب ميزانية «عملية التطمين» للعام 2017، يستعد الجيش الأمريكي لإعادة فتح أو إنشاء خمسة مراكز لتخزين أعتدة حربية في هولندا، وبولندا، وبلجيكا، وموقعين في ألمانيا.
وفي سبتمبر/‏ أيلول الماضي، كان حلف الأطلسي قد بدأ تخزين أعتدة قتالية بصورة دائمة في أوروبا. وحتى الآن، تكفي هذه المخزونات لتجهيز لواء مدرع. وتشمل هذه الأعتدة أنظمة أسلحة متقدمة ستعزز القدرات القتالية للقيادة الأمريكية في أوروبا، وتسهل نشر قوات أمريكية إضافية بصورة عاجلة خلال وقت قصير.
جدير بالذكر أن لواءً مدرعاً قتالياً أطلسياً يتكون من حوالي 4200 جندي مدعومين بحوالي 250 دبابة، وعربات قتالية، ومدافع هاوتزر، إضافة إلى 1750 عربة لمختلف الاستخدامات.
وتشمل ميزانية «عملية التطمين» 1,8 مليار دولار مخصصة لتجهيز القوات الأطلسية في شرق أوروبا ودول البلطيق ب 45 ألف قنبلة ذكية موجهة بواسطة النظام العالمي لتحديد المواقع (GPS)، وقذائف صاروخية موجهة بأشعة الليزر، وذلك من أجل تعزيز قدرات الضربات دقيقة التصويب.
وفي إبريل/‏نيسان أيضاً، شارك أكثر من 1200 جندي من 12 بلداً أطلسياً في تدريبات عسكرية في لاتفيا أطلق عليها اسم «درع الصيف».
وبمواجهة هذا الحشد العسكري، صرح نائب وزير الخارجية الروسي أليكسي ميشكوف بأن انتشار هذه القوات الأطلسية وتدريباتها على أعتاب روسيا «يزيد بصورة خطيرة احتمالات وقوع حوادث»، وتعهد «برد ملائم». وقال مشيراً إلى حلف الأطلسي: «يتذرعون دائماً بكذبة يسمونها تارة» التهديد الروسي «وتارة» العدوان الروسي «ويقولون إنهم سوف يتصدون لذلك بصورة جماعية».
وتعتبر روسيا هذا الحشد العسكري الأطلسي على حدودها استفزازاً وتهديداً للأمن والسلام في أوروبا. ويقول المسؤولون الروس إن حلف الأطلسي يحاول زيادة حدة التوترات في أوروبا من أجل تأكيد ضرورة استمراره في عالم متغير. كما يقولون إن حلف الأطلسي بحاجة إلى عدو خيالي من أجل استمرار وحدته.
ويحذر المسؤولون الروس أيضاً من أن هذه الاستعدادات الأطلسية تضعف الأمن الأوروبي، كما تقلل فرص إحياء الحوار بين روسيا وحلف الأطلسي. وهم يقولون إن كل هذه التحركات الأطلسية تؤدي حتماً إلى استنتاج أن حلف الأطلسي يستعد لحرب باردة جديدة.

محلل دفاعي ودبلوماسي –
موقع «استراتيجيك كلتشر»

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى