لو أن قطر
ابن الديرة
لو أن قطر تحقق الحد الأدنى من الانسجام مع سياسة شقيقاتها لما صدقنا جميعاً أن تصريحات الأمير تميم صادرة عنه، ولأكدنا قبل القطريين أنفسهم أن تصريحات أميرهم مفبركة، وأن موقع وكالة الأنباء القطرية تعرض للقرصنة.
ولو أن تصريحات الأمير تميم لم تعبر عن مواقف قطر في كل المناسبات والمحافل، وآخرها قمم الرياض، لسارعنا إلى نفي الواقعة، وبادرنا إلى عدم إحراج أشقائنا بين قوسين ابتداء.
المفارقة في الحكاية الطريفة والمريرة في آن معا أن السادة القراصنة يتبنون السياسة القطرية ذاتها حرفياً. يتعرض هذا الموقع أو ذاك لقرصان مضاد في توجهه وفكره، ويريد الإساءة والتشويه، وهذا أول قرصان يتضامن تماما مع أسلوب تفكير ضحيته بين قوسين.
مشكلة صناع سياسة وإعلام قطر أن مستوى ذكائهم محدود، ولكنهم على يقين بأنهم الأذكى، ومن هنا افتراض جهل الآخر أو غفلته أو عدم فطنته، والأدهى من ذلك كله إجماع واجهات الإعلام القطرية على أن الفضائيات التي نقلت الخبر الرسمي، خصوصا «العربية» و«سكاي نيوز عربية» هي فضائيات فتنة، وقد كانت مستعدة لاستضافة المعلقين والمحللين، ما يعني أنها شريكة في «مؤامرة القرصنة»، وتبلغ النكتة ذروتها حين تطلق قناة الجزيرة الإخوانية الإرهابية ومذيعوها الإخوانيون وأبواقها الإرهابية ذلك الوصف على القناتين المذكورتين، والمعروفتين بالموضوعية والمهنية العالية.
هل نؤصل لموضوعنا مباشرة؟ الحقيقة الدامغة أن قطر، بالرغم من صبر جيرانها، وإتاحة الفرصة تلو الفرصة، لم تغادر أبداً حالة الصغير الذي يبحث عن دور كبير، وأن قطر لم تخرج أبداً عن حالة أزمة الخليج التي تسببت فيها، ثم صدقها الأشقاء في اجتماع الرياض، واجتماع الرياض التكميلي الذي شدد على عنواني الإعلام ومصر، وصولاً إلى قمة الدوحة. ذلك هو مربط الفرس. قطر كانت تبطن عكس ما أظهرت، واستمر تبنيها العملي للتطرف والإرهاب، وعملها التخريبي ضد مصر سواء عبر «الجزيرة» والواجهات الإعلامية لشق الصف المصري وإثارة النعرات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، أو إصرار الدبلوماسية القطرية على وصف ثورة شعب مصر بـ«الانقلاب».
والحقيقة الدامغة أن قطر ظلت على موقفها المؤيد والحاضن لعصابات الإرهاب وتيارات الظلام، خصوصاً تنظيم الإخوان المسلمين، وإيران، وما يسمى حزب الله، ففتاوى شيخ الفتنة والتحريض على القتل القرضاوي إنما انطلقت وتنطلق من الدوحة، فيما يحظى رجل قبيح مثل وجدي غنيم برعاية قطرية سواء في قطر أو تركيا، وهو من أيد، بالصوت والصورة، قيام تنظيم «داعش» الإرهابي بحرق الشهيد الطيار الأردني معاذ الكساسبة، وكذلك إقدام التنظيم على ذبح 21 قبطياً مصرياً في ليبيا.
هل قطر مضطرة إلى اتخاذ مواقفها الغريبة والشاذة؟ لا مبرر أبدا إلا أن يكون منهج الإخوان المسلمين هو فكر ومنهج الدولة القطرية.
محور القول إن قطر اختارت مساراً سياسياً مشيناً، واحتضنت واجهات إعلامية سقيمة وهشة مثل عزمي بشارة، ومضحكة وكأنها محاولة مهرج غير موهوب في مسرح مهجور مثل عبد الله العذبة، ناهيك عن صبيان عزمي البشارة الذين يهدرون مال قطر وماء وجهها، وسط جمهورهم الخاص المرتبك بين أحابيل غيبوبته والغباب.
ebn-aldeera@alkhaleej.ae