قضايا ودراسات

مأساة القرن

فتح العليم الفكي

لا تزال أزمة أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار تراوح مكانها منذ اندلاع المجازر المنظمة التي يشنها الجيش النظامي ضدهم وقيامه بإحراق وتدمير قراهم في ولاية «راخين» غربي البلاد.
ولا تلوح في الأفق أية بادرة لحل قريب للأزمة التي دخلت شهرها الرابع مع تقاعس حكومة رئيسة الوزراء أوانج سان سوتشي في إدانة انتهاكات الجيش الميانماري، بل وعلى العكس من ذلك محاولاتها تبرئته وإلقاء اللوم على حركة إنقاذ الروهينجا المسلحة.
لقد أنكرت سوتشي في لقاء مع سفراء أجانب معرفتها بالأسباب التي أدت إلى فرار الآلاف من الروهينجا، وأشادت في الوقت نفسه بالذين ظلوا في قراهم يصارعون من أجل الحياة، ما حدا بمنظمة العفو الدولية إلى وصف حديثها بأنه مزيج من الأكاذيب وإلقاء اللوم على الضحية.
ورغم الضغوط والإدانات الدولية، لم تبد سوتشي تغييراً في موقفها، أو تعاطفاً مع الضحايا من مواطنيها وظلت في كل لقاءاتها واتصالاتها مع زعماء وقادة الدول تصرح بأنها تبذل جهداً وتعمل في ظل ظروف صعبة وقاسية جداً، وكأنها تحاول أن توحي من طرف خفي أن السلطة في بلادها عبارة عن جزر معزولة ليس بينها رابط ولا تملك هي السلطة أو الحق في أمر قواتها بالانسحاب من مناطق الروهينجا وفتح تحقيق عاجل في المذابح البشعة التي رصدتها فضائيات العالم كله، ورآها كل من له قلب وألقى السمع وهو شهيد.
وجاءت شهادة براميلا باتين مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة الخاصة للعنف الجنسي في مناطق النزاعات لتفضح التواطؤ الحكومي في الأزمة، حيث أعلنت صراحة أن عناصر الجيش الميانماري «استهدفوا بشكل ممنهج» نساء الروهينجا بعمليات اغتصاب جماعية، وقالت إن الكثير من هذه الفظائع «يرقى إلى جرائم ضد الإنسانية» وأكدت أنها تعتزم إطلاع المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم المرتكبة.
ولعل الإجراء الوحيد الذي اتخذته حكومة ميانمار منذ اندلاع الأزمة في شهر أغسطس/ آب الماضي هو استبدال قائد الجيش في الولاية دون الإشارة إلى توقيفه أو حتى إخضاعه للتحقيق ومن ثم تقديمه للمحاكمة.
الآن ومع حلول فصل الشتاء ستتضاعف مأساة أكثر من 615 ألفاً من المهاجرين الروهينجا في معسكرات اللجوء في بنجلاديش، وعلى المجتمع الدولي وعلى الأخص الدول الكبرى ممارسة المزيد من الضغوط على حكومة ميانمار لوضع حد لهذه المأساة التي تشكل سبة في ضمير العالم المتمدن.
ولكي لا يفلت القتلة من العدالة فإن مجلس الأمن الدولي مطالب بالتحقيق في المجازر وفرض عقوبات على القادة السياسيين والدينيين والعسكريين الذين يثبت تورطهم في تغذية العنف وإشعال نار الفتنة.

alzahraapress@yahoo.comOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى