قضايا ودراسات

مثلث العلاقات بين أمريكا والهند والصين

عمران علي سندانو*

إن ما يمثل الغموض الاستراتيجي بين البلدين (الصين والهند) هو المواجهات العسكرية المتكافئة بين البلدين في منطقة لاداك بشمالي الهند خلال عامي 2013 و2014، ثم في منطقة دوكلام في جنوب غربي الصين في يونيو/حزيران الماضي.
وتعتقد الهند أن المعبر الاقتصادي الصيني – الباكستاني (الذي يتيح للصين الوصول إلى المحيط الهندي عبر أراضي باكستان)، ومعارضة الصين لانضمام الهند إلى مجموعة الدول الموردة للمواد النووية (التي تسعى لمنع الانتشار النووي ) إنما يهددان أمنها القومي. ومن جهتها، تعتقد الصين أن الهند تستخدم تايوان، والدالاي لاما (الزعيم الروحي للتيبت حيث تنشط حركة انفصالية)، ومسألة بحر الصين الجنوبي من أجل الضغط عليها.
وإجراء حوار استراتيجي بين العملاقين الآسيويين يمكن أن يغير البيئة الإقليمية والعالمية لمصلحة كليهما. ولكن الهند تبنت خياراً آخر، حيث اصطفت إلى جانب الولايات المتحدة، وأخذت تسعى لبناء كتلة ضد الصين. ويعزز ذلك زيارة وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الأخيرة إلى الهند، حيث اجتمع برئيس الوزراء الهندي ناراندرا مودي وتعهد بتوثيق الروابط الاستراتيجية والاقتصادية مع الهند لمواجهة نفوذ الصين المتعاظم في المنطقة الآسيوية.
والولايات المتحدة تسعى إلى كسب تأييد دول إقليمية أخرى من أجل بناء تحالفات رسمية ضد الصين. وهذا المجهود يشمل الهند، واليابان، وأستراليا، والفلبين، وفيتنام، وجميع هذه البلدان لم تكن تشكل حتى الآن أي تحالف رسمي.
والولايات المتحدة احتفظت بسيطرتها العسكرية في منطقة المحيط الهادي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وهي تقيم قواعد عسكرية في اليابان وكوريا الجنوبية، وتعقد تحالفات عسكرية مع أستراليا والفلبين. وإذا ما شكلت هذه البلدان تحالفاً ضد الصين، فسوف يكون بإمكان اليابان أن تضطلع بدور رئيسي بسبب عداوتها التقليدية للصين، ومشكلاتها السياسية والأمنية مع الصين.
والولايات المتحدة كانت تخطط منذ زمن طويل لاستخدام الهند كوكيل ضد الصين في إطار استراتيجية فرق تسُد. وقد وافقت الهند على أن تصبح جزءاً من هذه الشراكة العسكرية الاستراتيجية في 2016، عندما وقعت مذكرة تفاهم مع واشنطن.
ولكن يتعين على الهند أن تفهم اللعبة الأمريكية المزدوجة. فمن جهة، تدعي الولايات المتحدة أن إقامة روابط دفاعية قوية بينها وبين الهند يمكن أن تتصدى لتوسع النفوذ الإقليمي الصيني. ومن الجهة الأخرى، لا أحد يمكنه أن ينكر أن الترابط والاعتماد المتبادل بين الولايات المتحدة والصين أصبح اليوم واقعاً جيو – سياسياً. ولكون الرئيس دونالد ترامب قد جعل الصين المحطة الأولى في جولته الآسيوية في بداية نوفمبر/تشرين الثاني إنما يثبت بوضوح أولوية بكين بالنسبة للولايات المتحدة.
ولهذا تبدو السياسة الخارجية لمودي محيرة. إذ إن الهند لا يسعها سوى الاكتفاء بمراقبة المناورات المخاتلة للولايات المتحدة تجاه باكستان والصين. وقد قال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن «علاقة أمريكا مع الهند ليست على حساب باكستان، والعكس صحيح أيضاً».
ويتعين على الهند ألا تنسى كيف تقاربت الولايات المتحدة مع الصين ضد الاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة. والآن، أحيت الولايات المتحدة هذه الاستراتيجية في ما يتعلق بالهند والصين في الحرب الباردة الجديدة. وفي الوقت الراهن، يبدو أن هذه الاستراتيجية تحقق نجاحاً، بسبب الاستراتيجية القومية المتشددة التي يتبعها مودي ضد باكستان والصين.
ولطالما كانت الصين تحذر الهند وبلداناً آسيوية أخرى من مغبة تشكيل تحالفات ضدها. وتقول بكين إن المخططات الهندية المدعومة من الولايات المتحدة ضدها غير ضرورية، لأن الصين لا تشكل أي تهديد للأمن القومي الهندي.

*باحث يكتب حول مسائل الأمن والنزاعات والإرهاب – موقع «آسيا تايمز»

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى