قضايا ودراسات

مجرد ألعاب

راشد محمد النعيمي
من الصعب وفي هذا الزمن بالذات السيطرة على سوق الألعاب الإلكترونية، ومنع الألعاب المسيئة وغير المناسبة من دخول الدولة؛ لأن العالم بات اليوم بلا حدود نظرياً؛ حيث تنتقل فيه هذه المواد دون قيود ودون سيطرة، ويصبح ما تمنع الجهات المسؤولة دخوله إلى الدولة متاحاً في ثوان معدودة عبر التحميل أو الشراء الإلكتروني، الذي يمارسه الصغير قبل الكبير، خاصة إن لم تكن هناك رقابة مباشرة من الأسرة، ووعي من المستهدف بما يناسبه وعمره ومجتمعه ودينه؛ لأن تلك الألعاب تسعى للتأثير في اللاوعي وتزرع الأفكار والسلوكيات دون إدراك لتتحول في وقت قريب وتطفو على السطح.
المشكلة الكبيرة التي نعانيها أن كثيراً من أولياء الأمور يعد انشغال أبنائه بالألعاب الإلكترونية سلوكاً محموداً يجنبهم موضوع الخروج من المنزل، وبالتالي وجودهم تحت رقابته المباشرة؛ لذلك يعمل على تشجيعهم، وتوفير الموارد اللازمة للشراء سواء الإلكتروني عن طريق التحميل أو من المحال، وكذلك اللعب مع آخرين عن طريق (الأونلاين)، وبالتالي يحصل الضحية على أصدقاء لم يلتق بهم يتأثر بهم، وأفكارهم من خارج الحدود، وكل ذلك يحدث وولي الأمر يعتقد أن ابنه في مأمن؛ لأنه لم يغادر سور منزله !!
وعلى الرغم من الفوائد التي قد تتضمنها بعض الألعاب الإلكترونية إلا أن سلبياتها قد تكون أحياناً أكثر من إيجابياتها؛ لأن معظم الألعاب المتداولة حالياً من واقع زيارة أي محل للألعاب أو من خلال سؤال الأطفال والمراهقين أنفسهم ذات مضامين سلبية تؤثر فيهم في جميع مراحل النمو لديهم، إضافة إلى أن نسبة كبيرة من الألعاب الإلكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بقتل الآخرين، وتدمير ممتلكاتهم والاعتداء عليهم دون وجه حق كما تعلم الأطفال والمراهقين أساليب ارتكاب الجريمة وفنونها وحيلها، وتنمي في عقولهم قدرات ومهارات العنف والعدوان، ونتيجتها الجريمة وهذه القدرات تكتسب من خلال الاعتياد على ممارسة تلك الألعاب، ووفقاً لدراسات وأبحاث عدة، فإن ممارسة الألعاب الإلكترونية كانت السبب في بعض المآسي، فقد ارتبطت نتائج هذه الألعاب خلال الخمسة والثلاثين عاماً الأخيرة بازدياد السلوك العنيف، وارتفاع معدل جرائم القتل والاغتصاب والاعتداءات الخطرة في مجتمعات عدة، والقاسم المشترك في جميع هذه الدول هو العنف الذي تعرضه وسائل الإعلام أو الألعاب الإلكترونية، ويتم تقديمه للأطفال والمراهقين، بصفته نوعاً من أنواع التسلية والمتعة.
ينبغي اليوم علينا جميعاً الإحاطة بأهم الجوانب الإيجابية والسلبية للألعاب الإلكترونية والعمل كل فرد حسب موقعه؛ للتدخل من أجل إعادتها لمسارها الصحيح، والدفع بالتوازن المطلوب من ناحية الإدمان عليها، والمشاركة في اختيار المحتوى الملائم، الذي يفيد ولا يضر حتى لا يكون الضرر الذي نخشاه مصدره من داخل المنزل، ومن مجرد ألعاب !!

ِALNAYMI@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى