قضايا ودراسات

محاكمات جوبا

فتح العليم الفكي
تمثل المحاكمة التي انطلقت الأسبوع الماضي في عاصمة جنوب السودان جوبا ل 13 جنديا اغتصبوا خمس عاملات إغاثة أجنبيات وقتلوا بدم بارد صحفياً مرموقاً، اختباراً حقيقياً لقدرة حكومة الرئيس سلفا كير على محاكمة جرائم الحرب ومرتكبي الفظائع والانتهاكات بحق مدنيين أبرياء من قوميات وإثنيات غير التي ينتمي إليها الرئيس وقادة الجيش الحكومي.
كان الهجوم الذي وقع في 11 يوليو/ تموز الماضي – في فندق «تيران» في جوبا بعد معارك شرسة دارت في العاصمة لمدة ثلاثة أيام بعد انتصار قوات الرئيس كير على خصمه نائب الرئيس السابق ريك مشار- الأسوأ في استهداف عمال الإغاثة الأجانب في الحرب الأهلية الدائرة هناك منذ عام 2013.
وتسبب الهجوم في إقالة قائد العمليات في قوات حفظ السلام الدولية الذي استغاث الضحايا بقواته التي كانت على بعد ميل واحد من الفندق ولكنها لم تستجب، كما تقدم مسؤول القوة الأممية السياسي أيضا باستقالته.
إن حكومة جنوب السودان وخلافاً لهذه الواقعة تواجه عدة اتهامات من المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بإدارة حرب عرقية ارتكبت فيها انتهاكات ترقى لجرائم الحرب والإبادة الجماعية، كما تسببت في مجاعة طاحنة أجبرت السكان على الفرار من مناطقهم.
كما تتهم حكومة جوبا أيضاً بعدم التعاون مع المجتمع الدولي، فبعد ثمانية أشهر من موافقة مجلس الأمن الدولي على نشر قوات إضافية لحفظ السلام قوامها 4 آلاف جندي لا تزال جوبا تضع العراقيل والعقبات أمام انتشار هذه القوات وأمام وكالات الإغاثة لتقديم العون الغذائي لملايين الجوعى.
وفي تقريره الشهري لمجلس الأمن قال الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو جوتيريس بأن الأوضاع في جنوب السودان تدهورت بطريقة سريعة وأن حكومة الرئيس سلفا كير عازفة عن التعاون مع المنظمة الدولية وتضع عراقيل بيروقراطية أمام انتشار الدفعة الأولى من القوات الأممية التي بدأت تتوافد على البلاد.
وتفيد تقارير المنظمة الأممية التي نشرت مؤخراً أن الحرب والمجاعة أجبرت ما يزيد على مليوني طفل على الفرار من ديارهم في واحدة من أكبر أزمات اللاجئين المثيرة للقلق في العالم، ما حدا بممثل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين في إفريقيا فالنتين تابسوما إلى وصفها بأنها أكثر أزمة لاجئين تقلقه الآن.
إن المجتمع الدولي الذي نفد صبره مع حكومة جنوب السودان، سوف ينتظر ما ستتمخض عنه هذه المحاكمة من أحكام لمعرفة مدى التزام حكومة الرئيس كير بتحقيق العدالة والاقتصاص من الجناة، وهي فرصة جيدة للحكومة لإثبات براءة قواتها من الاتهامات بممارسة عمليات الاغتصاب والتطهير العرقي، فهل تنجح الحكومة في هذا الاختبار؟

alzahraapress@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى