قضايا ودراسات

محظوظون بإنتاجنا

ابن الديرة
الدكتور ثاني أحمد الزيودي وزير التغير المناخي والبيئة، يرى أننا محظوظون اليوم كوننا إحدى أكثر الدول الآمنة غذائياً في العالم، على الرغم من اعتمادنا الكبير على الواردات الغذائية، والتحديات التي يواجهها الإنتاج المحلي للمواد الغذائية بسبب ندرة المياه وقلة الأراضي الصالحة للزراعة وارتفاع درجات الحرارة، لكننا وبسبب مركزنا الاستراتيجي في قلب التجارة العالمية، فإننا نمتلك إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من المنتجات الغذائية من جميع أنحاء العالم.
الاختلاف لا يفسد للود قضية، ومع احترامنا الشديد لوجهة نظر الوزير فإنها خاضعة للنقاش وتحتمل الاختلاف، بدءاً من سبل توفير الأمن الغذائي وليس انتهاء بالاكتفاء الذاتي الذي سيسعدنا كثيراً الوصول إليه، وعندها سنكون حقيقة محظوظين بنجاحنا في تأمين احتياجاتنا الغذائية من إنتاج أرضنا.
الموقع التجاري الاستراتيجي ميزة تكفل للدولة كثيراً من النتائج الإيجابية على الصعيد التجاري عبر الاستيراد وإعادة التصدير، لكنه ليس نهاية المطاف ولا الحد الذي تتوقف عنده طموحات دولة انطلقت بثبات في مشوار البناء والتنمية بخطوات متسارعة الإيقاع، غزيرة النتائج، جعلتها من الدول المحظوظة فعلاً بما أنتجت وشيدت وعملت وليس لموقعها الجغرافي علاقة سببية مباشرة في الإنجازات العملاقة التي تحققت في أقل من 50 عاماً قضتها كثير من الشعوب غارقة في ظلام الفقر والمرض والجهل والصراعات الداخلية.
عندما تدفقت الثروة البترولية كان يمكن للحكيم المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، أن يشتري أنتاج العالم من كل ما تحتاجه البلاد وزيادة، لكن بعيد النظر أشار بأصابع العقل والحكمة والإرادة إلى الأرض الصحراوية القاحلة، وقال إننا من هنا يجب أن نبدأ، وأتبع قوله بالفعل، وانطلقت ثورة زراعية جبارة حولت الرمال الصفراء الناعمة إلى بساتين وكروم منتجة، مؤكداً في مناسبات عديدة أن كرامتنا تتحقق عندما نزرع ما نأكل، ونصنع ما نلبس، ولا يبقى اعتمادنا على الاستيراد إلا في أضيق الحدود، ووفق الجدوى الاقتصادية التي تحدد أيهما أفضل الإنتاج أم الاستيراد.
مزارعنا تطعمنا ونزيد عليها من الخارج حسب احتياجاتنا وأهوائنا أحياناً، لكن أمننا الغذائي نحققه في مزارعنا وحقولنا الخضراء، وليس في البرادات والسفن والطائرات، ولا يمكن أن يرتبط الأمن بالعمليات التجارية التي تتحكم فيها ظروف قد تخرج أحياناً عن السيطرة، فلا يكون هنا أمن ولا أمان، والسياسة الحكيمة تحسب الاحتمالات السلبية غير المواتية قبل الإيجابية، وتستعد لها جيداً.
التحديات التي يواجهها الإنتاج المحلي للمواد الغذائية بندرة المياه وارتفاع الحرارة وقلة الأراضي الصالحة للزراعة، هي التي يجب مواجهتها والعمل على تذليلها، وهو ما تعمل الحكومة عليه منذ سنوات طويلة، عبر مشاريع الاستمطار وتحلية المياه للشرب والزراعة، والاهتمام بالتشجير كأحد العوامل المساهمة في تخفيف الحرارة نسبياً، وعندما ننجح فيها بدرجة امتياز عندها نكون محظوظين بما أنجزنا وليس بموقعنا التجاري.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى