قضايا ودراسات

«مخالفون» وليسوا «سائقين»

جمال الدويري

يتوجس مستخدمو الطرق كثيراً من قانون السير والمرور الجديد، الذي بدأ تطبيقه بشكل فعلي اعتباراً من، أمس السبت، الأول من يوليو/تموز، والسبب كثرة الحديث عنه في مواقع التواصل على مدى أشهر، لدرجة أن البعض اعتقد أن القانون الجديد سيكون المقصلة التي سيُحَاسب بذريعتها السائقون، ولم يقولوا المخالفين.
من تبادلوا نصوص وتسريبات القانون، زادوا التوجس منه إلى درجة أن أحدهم تساءل عبر «تويتر»: هل يُعقَل أن يجلس ابني وعمره 14 عاماً في كرسي أطفال بالسيارة؟ والمقصود طبعاً هنا 4 أعوام فما دون، إلّا أن بعض المازحين زادوها 10 سنوات، فضلاً عن المخالفات الغريبة والعجيبة التي عبّر البعض عن خوفهم من إقرارها، وهي ليس لها أساس من الصحة.
البعض أيضاً، نسب إلى المُشَرِّع أنه ابتدع مخالفات وغرامات لا داعي لها، ولم تكن موجودة في الأصل، وكأنهم يغمزون إلى أن القانون جاء لزيادة الإيرادات العامة بغض النظر عن المصلحة العامة.
هذا الكلام غير صحيح، جملة وتفصيلاً، ومن يقرأ القانون ويراجع بنود اللائحة التنفيذية، يجد أن القانون الجديد جاء لحماية الأرواح والمكتسبات وليس لزيادة الإيرادات.
فما الإيراد الذي تسعى إليه وزارة الداخلية من حادث سير يودي بحياة عدة أشخاص، لأن السائق خالف قوانين السير، وقاد بصورة غير آمنة، وفوق السرعة المحددة؟! وماذا تستفيد «الداخلية» إذا ما طالعتنا الصحف يومياً بعشرات الحوادث والإصابات، متناسين أن خطة الوزارة هي «صفر وفيات» في الحوادث.
حجج وبراهين «الداخلية» فيما خلصت إليه في هذا القانون أكثر من أن تُذكر هنا، وهي محصلة ورصد لحوادث ومخالفات كثيرة وشائعة، تم جمعها على مدى سنوات في هذا القانون، ليكون بمثابة تجفيف لمنابع الحوادث.
قيادات الشرطة في جميع أنحاء الدولة ترى أن القانون الجديد مكمل لما سبقه وهدفه واحد، هو توفير السلامة المرورية التي تأتي ضمن الأولويات الاستراتيجية لوزارة الداخلية، ولسان حال المسؤولين؛ إن طرقات الدولة تتوفر فيها الإمكانيات كافة للحد من الحوادث المرورية، وما ينجم عنها من خسائر في الأرواح والممتلكات باعتبار أن العنصر البشري، هو أغلى ما نملك من ثروات مستهدفين الوصول إلى أعلى معايير الأمن والسلامة على طرقنا.
«الداخلية» اعتمدت أفضل الخطط الاستراتيجية لتطوير منظومة السلامة المرورية لتضاهي أفضل الممارسات العالمية للوصول إلى الرؤية الصفرية لأعداد الوفيات الناجمة عن حوادث الطرق.
القانون لم يأت بشيء عجيب، والتوجس منه أمر مبالغ فيه، فكل المخالفات المستحدثة، وعددها 19، يصب في الصالح العام وسلامة السائقين، فمن منا يريد أن ينقل مواد خطرة بمركبته، ومن يريد أن يستخدم مركبته في نقل الركاب، أو أن تتجاوزه شاحنة بشكل غير قانوني، هل يرغب أحدنا في أن يتجاوز عنه سائق بسرعة تزيد على 80 في المئة من السرعة المقررة، وغيرها الكثير.
القانون لم يأت بجديد، وكل ما أضافه هو تنظيم حركة السير وأمن الطرق، ويبقى بعض المسائل، التي سيجد العامة صعوبة في تطبيقها، رهن الإيحاء لرجال الشرطة بالتجاوز عنها، ولكن ليس بذكرها نصاً في القانون.

jamal@daralkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى