قضايا ودراسات

مسؤولية الأسرة

ابن الديرة
تربية الأبناء مسؤولية أسرهم التي لا يمكن ولا يجوز أيضاً بأي حال من الأحوال التملص منها، والهروب من تبعاتها، تحت أية ذريعة كانت، سواء بتحميل المدرسة المسؤولية والادعاء أن الطالب يقضي داخل أسوارها وقتاً طويلاً، وعليها كمؤسسة تربوية أن تقوم بواجبها، أو بذريعة انشغال ولي الأمر بأعماله ومساعيه ليوفر لأسرته وأبنائه بالتحديد مستقبلاً آمناً معيشياً ومادياً، وارتباط ولية الأمر بعمل أو نشاطات اجتماعية ضرورية، خاصة في ظل وجود العمالة المساعدة للخدمة داخل البيوت أو خارجها، ودورها في التأثير على سلوكيات ومفاهيم ومعتقدات الصغار واليافعين.
فهذه جميعها وغيرها من المبررات والحجج لا تعفي كل أسرة من مسؤوليتها الكاملة عن سلوكيات أبنائها وتصرفاتهم، ولا تبرئها من إمكانية اتهامها بالتقصير الأسري بحق الأبناء وهم في مراحل عمرية أحوج ما يكونون فيها للتوجيه والإرشاد والقدوة الحسنة التي تثير الإعجاب وتدفع إلى محاولة التشبه بها، تقصير يهدد حاضرهم ومستقبلهم بما لا تحمد عقباه، وتكون الخسارة مجتمعية قبل أن تنحصر في النطاق الفردي، لأن كل منا كائن اجتماعي لا يعيش بمفرده.
التقصير الأسري تهمة نحن بحاجة إلى أن نجعلها سيفاً يلوح به المجتمع في وجه كل المقصرين، المتقاعسين عن أداء أدوارهم الإيجابية المطلوبة في الحياة، تحسب له ألف حساب، وهو بالضبط ما رمى إليه قانون حماية الطفولة عندما رفض تعرض الطفل لأي أذى مادي أو معنوي، وعنف بدني أو نفسي، لأنه في البداية والنهاية عنف يحيد بالطفل عن جادة الصواب، ويوقع الأذى في نفسه بما ينعكس على مجمل سلوكياته وأفعاله، وينشأ تربة صالحة للانحراف، شئنا أم أبينا، فمستوى رضاه عن واقعه ومجتمعه ليس في الذروة، وهو على استعداد لتقبل الأفكار المنحرفة، لينتقم، أو ليسترد – بطرق خاطئة طبعاً – بعضاً من كرامته وشخصيته.
لكن، كيف يتسنى للمجتمع إثبات الإهمال الأسري وهو يتم بين جدران البيت المغلقة.
يمكن ذلك بتعاون مؤسسات المجتمع المعنية، بدءاً من ملاحظة التصرفات غير السوية للأبناء، من قبل المدرسة، والنادي، والأهل والأقارب المخلصين، وأصدقاء الخير، وكل من له علاقة بالصغار والمراهقين، وشكاوى الأبناء أنفسهم.
صحيح أن الأسرة هي الأكثر حرصاً على مصلحة أبنائها، ولكن لا يمنع ذلك من وجود تقصير ولامبالاة واتكالية وعدم إبداء الاهتمام اللازم للأشياء والأمور المختلفة بشكل أو بآخر، وكما أن هناك من يعمل ضد مصلحته بدون قصد منه فهناك أيضاً أسر تدمر حاضر ومستقبل أبنائها بسلبيتها إزاءهم، وعدم اكتراثها بأفكارهم وميولهم وهواياتهم ومستوياتهم الأخلاقية، وهنا الخطر الذي يستلزم مجابهة مجتمعية فاعلة لا تسمح بالمساس بحاضر الوطن ومستقبله، بشبابه، بالسواعد التي ستشارك في تنميته وإعلاء شأنه.
الصحوة مطلوبة، ولتبدأ من الأسر نفسها.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى