قضايا ودراسات

مصادر مضللة

جمال الدويري

مشكلة، حقيقةً، تتطلب مراقبة كثيفة من الأهالي وحتى المدارس، والمجتمع بأكمله محورها جيل الشباب الذي بات يبني قناعاته وآراءه في كل ما يدور من حوله من خلال ما يطالعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
نقاشات طويلة عريضة تحدث في مجالس الشباب، أو مع أهاليهم، محورها ما قرأه هذا الشاب من «الفيس بوك» واقتنع به بشكل كامل، من دون حتى أن يفكر في «تشغيل» عقله لمعرفة هذا الكلام إن كان ينسجم مع المنطق والعقل أم لا، قرأ ما قرأ، وصدقه، وكل نقاشه مبني على هذه القاعدة.
هذه القضية في تزايد، وأثرها سيكبر في الأيام المقبلة مع الأجيال التي يتخذ بعضها مواقع التواصل مرجعيات لحياتها في كل شيء، من دون أن يكلف نفسه عناء الرجوع إلى مصادر الأخبار المعتمدة أو الموثوقة، أو حتى التفكر قليلاً فيما قرأ أو شاهد، خاصة مع حجم التقنيات العالية التي توظفها عبر هذه الوسائل ل «فبركة» أي حدث مهما كان.
وسائل الإعلام المعتمدة والموثوقة تجد نفسها في كثير من الأحيان مضطرة إلى نفي أو تأكيد ما يتداوله «النشطاء» على مواقع التواصل، وهي لا ذنب لها فيما اقترف، ولكن عليها لجم هذه «المعلومة أو الشائعة» التي تكبر مثل كرة الثلج على مواقع التواصل حتى لا تُزاد مخاطرها.
المدارس والجامعات، عليها إفهام الجيل الذي يتمدرس على مقاعدها بأن وسائل التواصل قد تكون أدوات معرفة وتواصل وبناء حقيقي، وقد تصبح وسيلة تضليل و«تسطيح» و«تسفيه» لكل شيء، لأجل أن يعي هذا الطالب أن ما شاهده عبر هذه الوسائل قد يكون صحيحاً وقد يكون «مفبركاً»، وقد يكون له هدف لزعزعة الثقة في أشياء معينة.
الحالات التي يمكن ذكرها كمثال لما يحدث عبر مواقع التواصل من «فوضى» أكثر من أن تذكر، ولا يمكن لجمها في الوقت الحالي، خاصة وأننا أمام جيل لم يعتد أغلبه على قراءة الصحف، ولا يرجع إلى القوات التلفزيونية ليتأكد من صحة ما سمع أو شاهد.
إزاء ذلك فإن الهم الأكبر الواجب الانتباه له بشكل كبير، تعليم الأبناء طريقة استخدام وسائل التواصل، أو كيفية التعامل معها بحذر، وألا تكون المرجع الأوحد في تحصيل المعلومات وبناء القناعات، لأن وقتها سيزداد الأمر صعوبة، ونصبح جميعاً مضطرين لنفي ما لم يحدث أو تصحيح ما لم يقع.

jamal@daralkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى