قضايا ودراسات

مصر ومعركة الإرهاب

صادق ناشر

بالهجوم الدامي الذي استهدف نقطة تابعة للجيش المصري في محافظة سيناء أول من أمس، يعود الإرهاب ليكشر عن أنيابه من جديد، معلناً عن توحش لدى الجماعات الإرهابية التي تركز هذه الفترة على مصر بهدف إضعافها، وبالتالي النيل منها، كما حدث في بلدان أخرى، تعيش أوضاعاً سيئة منذ بدء الاحتجاجات التي طالتها خلال العام 2011.
العملية أسفرت عن استشهاد أكثر من 50 جندياً وضابطاً بين قتيل وجريح، بعد هجوم نفذه الإرهابيون على نقطة عسكرية في منطقة البرث جنوبي رفح، قبل أن تقوم قوات الجيش بملاحقة المهاجمين وتقتل 40 منهم.
العملية تعد تطوراً خطراً في مسار معركة مصر ضد الإرهاب، والتي بدأت تتخذ بعداً كبيراً خلال السنوات الأخيرة، فهذه المعركة مستمرة بفضل التحريض الهائل الذي يستهدف تركيع مصر عبر وسائل مختلفة، إعلامية وغيرها، إلا أن الوسيلة العسكرية تعد أكثرها دماراً، لأنها تستهدف ضرب المؤسسة العسكرية في محاولة لاستنزافها في معارك جانبية، بخاصة وأن المواجهات صارت تتوزع على أكثر من جبهة وأكثر من بؤرة، سواء في المدن الرئيسية، بخاصة القاهرة أو شبه جزيرة سيناء.
في كل الأحوال تبدو مواجهة مصر مع الإرهاب مكلفة جداً، سواء لجهة الخسائر في المعدات العسكرية أم في القوات البشرية، وهي جرح نازف لابد للقيادة السياسية والعسكرية أن تتعامل معه بدرجة عالية من الجدية والصرامة، فانفلات الأوضاع في سيناء وغيرها يشجع الإرهاب على التمادي أكثر وأكثر وبالتالي الانتشار في مناطق لم تكن تصلها ضرباته قبلاً.
يترتب على الجميع التحرك بشكل فاعل من أجل التفرغ لمواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، فالأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر منذ سنوات تشكل باباً ينفذ منه الإرهاب والذي بدوره يعمل على خلخلة الوضع العام برمته.
يستغل الإرهابيون حالة التذمر التي تسود قطاعاً واسعاً من المصريين بسبب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة في الآونة الأخيرة، بعد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، وهي إجراءات كانت ضرورية لتجنب الانهيار في الاقتصاد، الذي قضت عليه فترة الاحتجاجات التي طالت البلاد عام 2011، وما تلاها من مرحلة حكم جماعة الإخوان المسلمين، وما رافقها وما تلاها من تداعيات طالت كل شيء.
وبعد ثورة 30 يونيو تزايدت التحديات واتسعت المواجهات مع الرافضين للنظام الذي جاء على أنقاض حكم الجماعة، واستغلت أطراف عربية ودولية الانقسام الذي أحدثته الاحتجاجات ومرحلة حكم الإخوان لتزيد من وتيرة الضربات الإرهابية التي استهدفت المجتمع المصري وفي قلبه التعايش الديني، بخاصة بعد أن تم استهداف كنائس ودور عبادة خاصة بالأقباط، الذين يعتبرون جزءاً من النسيج المصري المتسامح.
الإرهاب لن يترك مصر، وبالتالي على مصر ألا تترك الإرهاب يدمر البلاد ويمزق العباد، والإجراءات التي تتخذ من قبل الحكومة الحالية تؤكد أن الوقت قد حان لمواجهة شاملة مع الإرهاب وأطرافه وأدواته المختلفة في الداخل والخارج، وعلى الحكومة أن تدرك أن التهاون في لحظة ما ستكون كلفته كبيرة، بل كبيرة جداً.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى