قضايا ودراسات

مصر

تمر، هذه الأيام، الذكرى العطرة لثورة شعب مصر على حكم الإخوان المسلمين، وصولاً إلى الثالث من يوليو / تموز الجاري، يوم حركت مصر، الوطن والشعب والفكرة، أكبر حشد شعبي عرفه التاريخ، وذلك للتعبير عن الرغبة في تغيير جماعة تولت الحكم على غفلة، ثم أدخلت مصر العروبة في سنة من الغفلة، اعتبرها البعض أقرب إلى الفاصل الكوميدي، وهي، للأسف، سنة من الحقيقة المرة كان لا بد من مقاومتها وتجاوزها، ولم يصب إنجاز الشعب المصري، عبر تضحياته الكبيرة، في مصلحة شعب مصر وحده، وإنما أنتج زمناً عربياً له ما بعده، ولنا أن نتصور حجم الخراب العربي والإسلامي لو استمر حكم تنظيم الإخوان المسلمين أكثر من ذلك. لقد خرج «الإخوان» من كهوفهم المظلمة فلم يعرفوا أن يعيشوا في ضوء النهار وهم أهل الضلال والظلام، وكان ما كان من محاولة السيطرة الكاملة على مقدرات الدولة ومكتسبات الشعب، وأخونة جميع الوزارات ومرافق الدولة، وسيطرة الإرهابيين والمتطرفين على الدعوة والإعلام والتعليم، والتعامل مع الوطن العربي والعالم بوسائل وأهداف ومعايير الإخوان المسلمين، بعيداً عن كل الأعراف السياسية والدبلوماسية، وبعيداً عن كل القيم والمبادئ الأخلاقية.
ما يجب التركيز عليه اليوم وقد استعادت مصر عافيتها وقوتها بعد أن استعادت نفسها، أن أمن واستقرار مصر مسألة عربية بكل ما في العبارة من معنى. مصر هي قاب الوطن العربي الكبير، ولا أمن للعرب من دون مصر، ولا نجاح حقيقياً لتنمية حقيقية، وإنما يصان التقدم بالأمن، ولا تقدم من دون أمن، ولا عدل من دون استقرار، وهنا يأتي دور الشقيق العربي نحو التضامن مع مصر شعباً وقيادة، ولعل التعاون مع مصر اليوم معيار فرز واضح بين قوى الخير والشر، وبين معسكري التقدم والنور من جهة، والتخلف والظلام من جهة ثانية.
وكما أن المملكة العربية السعودية الشقيقة سند وذخر وعمق استراتيجي للوطن العربي؛ فكذلك مصر، وبينهما دولة الإمارات عنوان حاضر وبرهان مستقبل، لذلك يعول العرب كثيراً على هذه الشراكة الاستراتيجية التي تنطوي على آفاق بعيدة قريبة من البشارة والأمل والوعد، ومن تلك الخطوات الموفقة التي تنطلق من المحبة والإخلاص، وتصل، عبر الإتقان، إلى النجاح والتميز.
ليست الشراكة الطارئة، وإنما ميثاق الضمير، وتلبية العاطفة والعرفان والمصلحة المشتركة التي تنعكس، إيجابياً، على الأوطان والشعوب. هكذا تقول البديهة والفطرة السليمة؛ فمجد مصر مجد للأمة العربية جمعاء، ولا يشكك في ذلك إلاّ جاهل أو منافق، ولا يعمل ضد استقرار مصر إلاّ صاحب فكر سقيم وأجندات دخيلة. هؤلاء الفاشلون، كما كانوا على امتداد التاريخ، رموز الفشل والاندحار والانتحار، ولقد باتوا مكشوفين بعد أن سقطت ورقة التوت الأخيرة، فطاهرتهم للاضمحلال والزوال، وتبقى مصر رمز العروبة والعزة والشرف والقوة، ويبقى شعب مصر العزيز الكريم.
ابن الديرة
ebn-aldeera@alkhaleej.aeOriginal Article

زر الذهاب إلى الأعلى