قضايا ودراسات

معاً ضدهم

ابن الديرة
رب ضارة نافعة، وإذا كان العمل ضد الإرهاب، على المستوى العربي، نشطاً في خلال السنوات الأخيرة، فإنه نشط الآن أضعافاً مضاعفة، وعندما انكشف أمر قطر في علاقتها بالإرهاب إلى حد بعيد، حدثت صحوة جديدة ضد الإرهاب أو ما يشبه الصحوة، وأجمل ما فيها هذا التنسيق الواضح بحرفيته العالية، نتيجة التعاون وتبادل المعلومات، نحو مواجهة هذه الظاهرة العالمية العابرة للقارات، فلا بد من مواجهتها عربياً ودولياً، ولا بد من اتفاقات وتفاهمات بين الدول لإنجاح الجهود المبذولة.
قائمة الإرهاب التي أعلنتها الإمارات والسعودية والبحرين ومصر تشتمل على 59 اسماً لإرهابيين أفراد من عدة جنسيات عربية، إلى جانب 12 كياناً إرهابياً، فيما أعلنت ليبيا أمس عن قائمة إرهاب تشتمل على 75 إرهابياً من الأفراد، و9 كيانات إرهابية، وينتظر أن ما أعلن هنا وهناك يمثل مرحلة أولى تتلوها خطوات، فهل نحن أمام مرحلة جديدة في حربنا على الإرهاب؟
الجواب إيجابي قطعاً، والحرب على الإرهاب منذ اليوم أكثر جدية، فعلى الجميع حسن إدارة الوقت منذ الآن، وحسن إدارة التعامل مع أجندات التطرف والإرهاب والظلام، والشرط اعتبار الإرهاب، بكل عناصره ومكوناته، كلاً واحداً لا يتجزأ، فلا يغفل التمويل أو الترويج، ولا يركز على المنضمين للجماعات والتيارات الإرهابية فقط، وإنما معهم وقبلهم أولئك المرشحون والقابلون للانضمام، خصوصاً من فئة الشباب، ما يعني أن جانب التوعية والتثقيف والمواجهة الفكرية مهم وضروري جداً، ويجب أن يشتغل عليه أولاً. صحيح أن الاشتغال على الأمن والعدل في مواجهة التطرف والإرهاب يأتي أولاً، لكن صحيح أيضاً أن الفكر يأتي أولاً، فنحن نعمل من أجل مستقبل أوطاننا وأمتنا، ومستقبل الأولاد والأحفاد.
هنا لا بد من الاعتداد بتجربة دولة الإمارات في مواجهة الإرهاب، حيث بادرت قبل غيرها إلى إطلاق قائمة إرهاب مدروسة وموثوقة، تضمنت اعتبار تنظيم الإخوان المسلمين ثم ما يسمى حزب الله، تنظيمين إرهابيين، كما كانت دولة الإمارات من أوليات الدول التي أصدرت التشريعات التي تجرم، وبالتالي، تردع المتطرفين والإرهابيين، فكان من تلك التشريعات قانون مكافحة الإرهاب، وقانون مكافحة ازدراء الأديان والتمييز والبغضاء، وقانون الجرائم الإلكترونية، الذي ترتب عليه أخيراً تخصيص نيابة للجرائم الإلكترونية.
تجربة الإمارات في هذا المجال تصلح أن تكون أنموذجاً يحتذى، وحري بالدول الشقيقة والصديقة قراءة وإعادة قراءة تجربة الإمارات الفريدة التي حققت نجاحاً منقطع النظير، وقد أسهمت في ذلك يقظة وحرفية أجهزتنا الأمنية التي تعاملت مع الأمن باعتباره مفهوماً شاملاً.
ورب ضارة نافعة، فليذهب العرب بعيداً في الإفادة من معرفتهم أكثر من أي وقت مضى، بما هو صادم، كون الجار الشقيق داعماً وراعياً للإرهاب.

ebn-aldeera@alkhaleej.ae

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى