قضايا ودراسات

مع ذلك رمضان كريم

عبد اللطيف الزبيدي

أقبل الشهر، هنيئاً للعرب. جعل الله أحلامه ورديّة، وأمانيه قابلة للتحقيق، ولو طال المدى. المهم هو أن هلال الشهر يطلّ ولا يملّ. الحق يقال، إنّ المشهد العربيّ تغيّـر في السنوات الماضية، فلم يعد الهلال يرى البلدان ثانية كما كانت. صارت البلدان كالنهر الذي لا تعبره مرّتين. ولولا أن الشعراء أمسوا كسالى، لأحيوا ميراث الوقوف على الأطلال. مع ذلك رمضان كريم.
بلاد العُرْب أوطاني تهوى الفرادة في التطبيق. ضع قائمة لكل القيم الرمضانية، تلك التي في التعاليم، وتلك التي تناسبها ذوقاً وأخلاقاً وروحاً إنسانية، ثم تأمّل كيف يعمل بها العالم العربيّ: «ونحن أناس لا توسط بيننا». لسنا أمّة وسطاً إلا في ما لا يليق فيه الوسط. ولسنا واسطة العقد في المجتمع العالميّ، ولا نقبل الوساطة، ولا يفلح الوسيط بيننا. إذا وضعت نتائج الميادين كافة في مجموع الدول العربية، فالمعدّل العام دائماً دون المتوسط بكثير، وإن كانت هذه مبالغة كاذبة، لأن المستوى دون ذلك بلا شك. اسألوا أهل التنمية والاقتصاد والمالية والتخطيط، عن مكانة العرب جميعاً في الإنتاج العالميّ. لا تسألوا حفاظاً على ماء الوجه. لكن اسألوهم عمّا يهدره العرب من أموال وثروات في ما لا يعني وفي ما يدمّر ويخرب البلدان. مع ذلك مبارك لكم الشهر، بل والعيد سلفاً إذا نسينا أو أخطأنا.
بالمناسبة: لا ندري ما علّة العلّة في قلوب المتقاتلين قبل رمضان، الذين سيواصلون تناحرهم في الشهر الفضيل، حتى يسيئوا إلى شاعرنا الرائع أمير شعرائنا أحمد شوقي بك القائل: «ريم على القاع بين البان والعلم.. أحل سفك دمي في الأشهر الحرم». ابن الحلال كان يتصور أنه أتى بشيء لا يتصور حدوثه العرب، فإذا هو وجبات سريعة لكل فم عربيّ «كل ليلة وكل يوم». رحمة الله على ذلك الظبي الأغنّ، الريم الرشأ، الذي خضّب ما بين القاع والعلم بدم شاعر متيم. اليوم ينسفون الأحياء في أحيائهم وهم لا يشعرون. الجامعة لا أحد يلومها، فقد بلغت من الكبر عتيّاً، وهي عاقر، لكن الأقدار أحسنت التعويض، فهي ولود في إنجاب اليأس والإحباط. مع ذلك كل عام وأنتم بخير.
ما يحتاج إلى التذكير به، هو إعداد قائمة القيم الرمضانية بتوسع، خشية أن يكون العرب قد نسوا قيمة من القيم لم يعملوا بضدّها ونقيضها، فيتداركوا الأمر قبل هلال شوال.
لزوم ما يلزم: النتيجة التطبيقية: مجالات الصيام الشرعيّ قليلة، العقل العربيّ جعلها شاملة كل ما يقيم حياة حضارية.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى