قضايا ودراسات

مقاومة الخوف وليس منعه

لدى معظمنا عدم فهم واضح لعدة مفاهيم في حياتنا، وتبعاً لسوء الفهم هذا، نقوم بوضع قيم ومبادئ وقوانين ونريد لأطفالنا السير عليها. وهم تبعاً لتعليمنا لهم ينشأون وفق هذه الآلية، فيصبح الخطأ أو غير الدقيق في صحته، مسلّماً به، بل مسيرة حياة يمشون عليها. على سبيل المثال فهمنا للخوف، أو معنى الخوف، لدى الكثيرين منا ينظر للخوف بأنه عادة سيئة، وأنه صفة متواضعة ولا تمت للبسالة ولا للبطولة بأي صلة لا من قريب ولا من بعيد. ببساطة الخوف صفة مقيتة وسيئة، لذا خلال أحاديثنا وحواراتنا مع أطفالنا، خاصة عندما يشكون من تنمر يواجههم سواء في المدرسة أو من أي من أقرانهم أو من أبناء الجيران، نسألهم بشكل استنكاري ونقول لهم: أتخاف منه؟ هل أنت خائف منه؟
ويبادر الصغير مباشرة لنفي هذه الصفة وبشدة، وهناك أضرار نفسية تحيط به، فإما أن نكون قد حولناه لوحش دون أن نعلم، وإما تركناه لقمة سائغة تكال له الشتائم ويتعرض للضرب المبرح ولا يبلغنا لأنه يخشى من وصفه ووصمه بالخوف والجبن. قرأت قبل فترة من الزمن مقولة جميلة ومعبرة في هذا السياق للكاتب الساخر والمؤلف الأمريكي الراحل مارك توين، قال فيها: «الشجاعة هي مقاومة الخوف والسيطرة عليه، وليس منعه». إذن جميعنا نخاف بطريقة أو أخرى، لأن مشاعر الخوف لها أشكال متعددة، وليس بالضرورة أنه جبن وتراجع، وكما قال أمير الشعراء الراحل أحمد شوقي: «ربما تقتضيك الشجاعة أن تجبن ساعة».
والخلاصة يجب أن نفهم أن مشاعر الخوف والمخاوف شييء طبيعي، وهي مشاعر تنتاب كل إنسان، والمهم عدم الإقلال منها ومن تأثيرها، والتي في بعض الأوقات قد يكون لها تأثير إيجابي، خاصة عند تعاملنا مع أطفالنا، وعندما نغرس في قلوبهم وأذهانهم الطرية الصغيرة أن الخوف مشاعر بغيضة وكريهة، والخوف قد ينقذ حياتهم ويؤدي لتراجعهم وعدم الاندفاع بعمل متهور وطائش قد يضرهم ويسبب لهم الأذى. لنعلم أطفالنا الشجاعة في التغلب على الخوف المرضي السيئ وليس لإنكاره ورفضه.

شيماء المرزوقي
Shaima.author@hotmail.com
Www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى