قضايا ودراسات

مودي في «إسرائيل»

فتح العليم الفكي
لا جدال في أن الفلسطينيين والعرب من أكبر الخاسرين من الزيارة التي أداها رئيس الوزراء الهندي رابندات مودي يوم الثلاثاء الأسبق إلى دولة الكيان الصهيوني ولم يعرّج فيها على رام الله للقاء رئيس السلطة الفلسطينية كما جرت العادة في معظم زيارات المسؤولين وقادة العالم.
الأوساط «الإسرائيلية» احتفت أيما احتفاء بالزيارة التي وصفتها ب «التاريخية»، وسخرت الصحافة «الإسرائيلية» من العرب ودعتهم للتطبيع، وأظهر رسم كاريكاتيري في إحدى هذه الصحف اثنين من العرب ينظران إلى صورة العناق الحار بين مودي وبنيامين نتنياهو رئيس وزراء دولة الكيان وتعليق يقول «في كل مكان يحتضنون «إسرائيل» وجاء دورنا».
ردود الفعل الوحيدة على الزيارة جاءت من باكستان العدو اللدود للهند، التي اعتبرت أن نيودلهي وتل أبيب تتآمران ضدها، وأن للزيارة أهدافاً غير معلنة. إسلام أباد تقول ذلك وهي تستحضر تجربة حربها مع الهند في عام 1971 التي نجم عنها انفصال بنغلاديش، وإمدادات السلاح التي حصلت عليها الهند من «إسرائيل».
للأسف لم تحظ زيارة مودي بأي قدر من الاهتمام في الأوساط العربية بما فيها السلطة الفلسطينية نفسها، على الرغم من أنها – الزيارة – نقلت العلاقات بين البلدين إلى مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي، حيث شهدت توقيع سبع اتفاقيات شملت مجالات الفضاء والمياه والتعاون الزراعي والبحث الصناعي، بالإضافة إلى الصفقات العسكرية والأمنية، منها صيانة مركز لأنظمة الدفاع الجوي وإنشاء وحدة إنتاج هياكل الطائرات، كما تم الاتفاق أيضاً على إنشاء صندوق للابتكار بمبلغ 40 مليون دولار. وفاق مجمل الصفقات بين الجانبين ملياري دولار.. لقد ظلت الهند ولمدى أربعين عاماً عازفة عن إقامة علاقات دبلوماسية مع «تل أبيب» حفاظاً على علاقاتها مع الدول العربية، وعلى مشاعر حوالي 14% من سكانها المسلمين رغم اعترافها بدولة الكيان الصهيوني بعد عامين فقط من اغتصاب فلسطين أي في عام 1950، وظلت الهند من أكبر الداعمين لمنظمة التحرير الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني.
وشهد وضع العلاقات بين البلدين تغييراً استراتيجياً في يناير/ كانون الثاني 1992 عندما تم تدشين العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ومنذ ذلك التاريخ استمرت العلاقات في تطور مشهود، وعندما تولى حزب بهارتيا جاناتا الحكم في عام 1998 شكل ذلك بداية جديدة للتعاون بين نيودلهي وتل أبيب ودخلت العلاقات مرحلة جديدة من التعاون الثقافي والاقتصادي والزراعي والتكنولوجي والعسكري.
صفوة القول، إن زيارة مودي إلى دولة الكيان الصهيوني تعتبر انتصاراً للدبلوماسية «الإسرائيلية»، وتراجعاً للدبلوماسية العربية، التي شغلتها حروب المنطقة وأزماتها، وسيندم العرب قريباً على تفريطهم في الهند، ولكن.. لات ساعة مندم.

alzahraapress@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى