موقف هولندي ملتبس من المستوطنات

على أبو نعمة*
على الرغم من موقف هولندا المعلن، المناوئ لتوسيع المستوطنات «الإسرائيلية» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا تجد في الواقع الفعلي غضاضة في دعم بعض المستثمرين في تلك المستوطنات.
السفارة الهولندية في «تل أبيب»، تشارك مستثمرين في مستوطنة «إسرائيلية». ويتناقض ذلك مع معارضة الحكومة الهولندية المعلنة للمستوطنات «الإسرائيلية» المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، في انتهاك للقانون الدولي.
في الأسبوع الماضي، عرضت السفارة الهولندية صورة على تويتر، يَظهر فيها السفير «جيلس بيسكور بْلَغْ»، مع المدير التنفيذي لسلسلة متاجر «شوفيرسال»، أثناء افتتاحهما شهر الأغذية الهولندية.
ومن خلفهما تظهر عروض تروّج منتجات هولندية، ولافتة كُتب عليها «بالتعاون مع السفارة الهولندية». كما تتفاخر شركة «شوفيرسال» في صفحتها على فيسبوك، برعاية الحكومة الهولندية.
وقد أكّد موقع الانتفاضة الإلكترونية، أن الترويج برعاية هولندية، يجري في متاجر «شوفيرسال» الموجودة في مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.
وتُظهر صورٌ التقطها مستوطن «إسرائيلي» في متجر شوفيرسال في مستوطنة غيلو اللافتات التي تروّج السلع الهولندية، وتؤكد رعاية السفارة.
ووفقاً لتقارير إعلامية حديثة، فإن شركة «شوفيرسال»، واحدة من بين أكثر من 100 شركة، يُحتمل أن تظهر على قائمة للأمم المتحدة، تضم الشركات التي لها أعمال في المستوطنات «الإسرائيلية» في الضفة الغربية المحتلة، وجميعها غير شرعية بموجب القانون الدولي.
وقد أثنى الفلسطينيون على القائمة التي كان إعدادها بتفويض من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، باعتبار ذلك الخطوة الملموسة الأولى، على طريق محاسبة «إسرائيل» على استعمارها الاستيطاني للضفة الغربية المحتلة، الذي تطبقه «إسرائيل» منذ عقود من دون عقاب.
في الشهر الماضي، كانت هولندا واحدة من حكومات أوروبية عدة، أدانت إعلان «إسرائيل» الأخير عن مزيد من التوسيع الكبير للمستوطنات.
وقال وزير الخارجية الهولندي، بيرت كوندرز «إن هذا القرار يثير التساؤل حول نوع السلام الذي تتصوره "إسرائيل"». وأضاف: «إنه يستحيل عملياً، التوفيق بين التوسيع غير المشروع للمستوطنات، وبين حل الدولتين».
وأيدت الحكومة الهولندية أيضاً، بياناً أصدرته مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موجيريني، وجاء فيه أن «جميع النشاط الاستيطاني غير شرعي بموجب القانون الدولي»..
ولكنّ هولندا، وفي إطار ما هو الآن الطراز المألوف في الاتحاد الأوروبي وحكوماته، تناقِض بصورة تامة موقفها المعلن ضدَّ المستوطنات، بأفعالها التي تنمّ عن التواطؤ مع الجرائم «الإسرائيلية»، إن لم يكن الدعم المباشر لها.
وشراكة الحكومة الهولندية مع شركة شوفيرسال، مماثلة لشراكة فرنسا مع هذه الشركة في العام الماضي. فعلى الرغم من أن فرنسا أيضاً تدّعي معارضة المستوطنات «الإسرائيلية»، فإن الحكومة الفرنسية- شأنها شأن الحكومة الهولندية- كانت راضية عن تعزيز دخل شركة شوفيرسال من المستوطنات غير الشرعية، ما دامت شركاتها تتلقى جزءاً من الأرباح.
وفي علامة صادمة على رغبة الاتحاد الأوروبي في وضع الربح في مكانة سابقة لمكانة «القيم» التي كثيراً ما يجري التغنّي بها، قامت سفارة الاتحاد الأوروبي في «تل أبيب» في الصيف الماضي، باستئجار «افيشاي عِفري»، وهو «إسرائيلي» يدافع عن الإبادة الجماعية للفلسطينيين، للظهور في شريط فيديو يروّج التجارة مع الدول الأوروبية.
وهنالك إجماع متزايد بين الخبراء الدوليين ومنظمات حقوق الإنسان، على أن مزاولة الأعمال والتجارة داخل ومع المستوطنات «الإسرائيلية» يجب إنهاؤها لأنها تدعم الاحتلال «الإسرائيلي»، والاستيطان غير الشرعي، وتمَكّن من ارتكاب جرائم خطيرة ضدّ الفلسطينيين.
وفي علامة أخرى على أن «إسرائيل» تعتبر دعم الاتحاد الأوروبي من المسلّمات، أعلنت وزارة الداخلية «الإسرائيلية» أنها ستحظر دخول سبعة مسؤولين أوروبيين، من المقرر أن يكونوا جزءاً من وفد يتكون من أعضاء في البرلمان الأوروبي ورؤساء البلديات الفرنسيين.
وقد وصف وزير الأمن العام «الإسرائيلي»، جلعاد إردان، المكلف بإحباط التحرك العالمي من أجل الحقوق الفلسطينية، المسؤولين المحظورين بأنهم «ساسة كبار يدعمون المقاطعة ضدّ "إسرائيل" ويروّجون لها باستمرار».
وردّاً على ذلك، وصفت «شارون ابراهام ويس»، رئيسة جمعية الحقوق المدنية في «إسرائيل»، وزارة الداخلية بأنها «كوميسار (أي مفوَّض) يقف عند البوابة ويقرّر لمواطني البلاد وسكان المناطق المحتلة، الذين يعتمدون على معابر الحدود «الإسرائيلية»، أيَّ الآراء من المناسب سماعها».
وفي الوقت ذاته، تسير الأمور بالنسبة إلى الحكومة الهولندية كالمعتاد.
*صحفي عربي أمريكي – موقع: إلكترونيك انتفاضة