نائبة تلعب دور «المنقذ» للحزب الديمقراطي
روبيرت فانتينا *
الحزب الديمقراطي الأمريكي الذي خسر انتخابات الرئاسة صار لديه «منقذ» جديد هي النائبة الجريئة عن ولاية هاواي، المرشحة لأن تقود الحزب في المرحلة المقبلة.
في أعقاب خسارة هيلاري كلينتون وحزبها الديمقراطي انتخابات الرئاسة والكونجرس، وتحول القيادي الآخر في الحزب بيرني ساندرز إلى «قصة قديمة»، تأتي الآن النائبة عن ولاية هاواي تولسي غابارد لتقدم نفسها على أنها «المنقذ» للحزب.
أثارت غابارد اهتمام الديمقراطيين عندما تجرأت وعارضت قرار الرئيس دونالد ترامب بقصف سوريا من دون دليل يثبت أن حكومة الرئيس بشار الأسد هي بالفعل المسؤولة عن الهجوم بأسلحة كيماوية على بلدة خان شيخون.
وإنه لأمر محير أن تكون غابارد الوحيدة في الحزب الديمقراطي التي اتخذت هذا الموقف. ولكن إعلانها عن هذا الموقف كرسها كنجم صاعد في الجناح التقدمي للحزب الديمقراطي. وهي تتطلع على ما يبدو إلى قيادة الحزب، ويحتمل أنها تطمح للوصول إلى البيت الأبيض.
ولكن ما يحزن هو أن غابارد تقدمية في كل شيء، باستثناء مسألة فلسطين. فقد قالت إنها تعتقد أنه يجب على فلسطين و «إسرائيل» أن تتفاوضا حول شروط السلام، وأنها تؤيد إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومنزوعة السلاح.
وفيما يلي اقتباسات من موقعها الإلكتروني توضح موقفها:
«أنا أدرك مدى أهمية تحالفنا الثابت مع «إسرائيل». وأنا ملتزمة بديمومة وتقوية هذا التحالف… وموقفي هو أن الطريق القابل للتطبيق نحو السلام بين «إسرائيل» وفلسطين هو مفاوضات بين الجانبين حول حل دولتين… وفي النهاية، أي حل تفاوضي يجب أن يأتي من «الإسرائيليين» والفلسطينيين أنفسهم… وأنا شاركت في تبني قرار الكونجرس» H.Res. 23 «الذي يعيد تأكيد التزام الولايات المتحدة تجاه «إسرائيل»، والتزامها بتسوية تفاوضية تؤدي إلى حل دولتين دائم يعيد تأكيد حق «إسرائيل» في الوجود كدولة ديمقراطية ويهودية ويؤيد إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية منزوعة السلاح بحيث تعيش الدولتان جنباً إلى جنب بسلام وأمن».
لا بد لفهم موقف غابارد هذا من تذكرأنها في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2014 ونوفمبر/تشرين الثاني 2016 تلقت 21,975 دولاراً كتبرعات انتخابية من مجموعات الضغط المؤيدة ل«إسرائيل». وهذا مبلغ ضئيل بالمقارنة مع تبرعات إلى زملاء لها تبلغ مئات آلاف الدولارات. ولكن غابارد يمكنها أن تحصل على تبرعات مماثلة، وربما أكثر، إذا ما لعبت بورقة الصهيونية.
وقد قالت غابارد: «أنا أعرف مدى أهمية تحالفنا مع «إسرائيل». غابارد تعرف ذلك، ولكن أرجو أن ينورني شخص ما: لماذا يجب على الولايات المتحدة أن تقيم تحالفاً مع دولة فصل عنصري وتقدم لها مليارات الدولارات كمساعدات ؟.
وقالت غابارد أيضاً: «أفضل طريق للسلام بين «إسرائيل» وفلسطين يمر عبر تفاوض الطرفين حول حل دولتين». ومرة أخرى، أنا بحاجة إلى من ينورني: فإذا «تفاوضت» «إسرائيل» مع فلسطين وهي في موقع يمكنها من أن تأخذ كل ما تريد من دون أن تعطي شيئاً في المقابل، فما جدوى «التفاوض» بالنسبة لفلسطين؟.
والنائبة غابارد تؤكد أيضاً «حق «إسرائيل» في الوجود كدولة ديمقراطية ويهودية». ولكن معنى هذا الكلام غير واضح، بل هو ينقض الديمقراطية. فإذا ما كانت «إسرائيل» دولة يهودية، فعندئذ لن يتمتع غير اليهود الذين يعيشون فيها بالحقوق ذاتها. إن مفهوم «دولة يهودية ديمقراطية» بحد ذاته ينطوي على تناقض. أمريكا ذاتها كانت على مدى أجيال «دولة أوروبية بيضاء ديمقراطية»، بمعنى أن جميع قوانينها كانت لمصلحة أكثرية السكان البيض، في حين أن جميع الآخرين كانوا مواطنين من الدرجة الثانية.
وغابارد تريد أيضاً «إقامة دولة فلسطينية ديمقراطية منزوعة السلاح». ولكن كيف يمكن لأي شخص أن يتفوه بهذه الكلمات بجدية ؟. إذ إن دولة فلسطينية سيكون لديها على حدودها عدو فتاك، عدو كان يعمل بنشاط طوال عقود لتدميرها حتى قبل أن توجد. ثم إن هناك سؤالاً جوهرياً: لماذا يجب منع أية دولة من امتلاك وسائل الدفاع عن أرضها ومواطنيها ؟.
هذه هي «المنقذ» الجديد للحزب الديمقراطي الأمريكي. إنها «سلالة جديدة» من الديمقراطيين «التقدميين»، وهي لا تختلف بشيء عن بقية دعاة الحرب الديمقراطيين.
* كاتب أمريكي وناشط من أجل السلام وحقوق الإنسان – موقع «كاونتر بانش»