قضايا ودراسات

نحو كليّة قرآنية كليّة

عبد اللطيف الزبيدي

اعتماد إنشاء كلية القرآن في الجامعة القاسمية بالشارقة، في رمضان الذي أنزل فيه القرآن، مناسبة طيبة لعرض رأي إعلامي في علوم مر على نشأتها أكثر من اثني عشر قرناً، في الأقل. نرجو أن تكون هذه الكلية المتخصصة في الكتاب المجيد، نقلة نوعية عصرية، تعتد بالميراث، وتعد العقل المسلم حاضراً للفهم العميق الجديد.
الأمانة عظيمة، وسيدرك واضعو المناهج أن لتغير العصور دوراً أساسياً في ضرورة تجديد النظر إلى فهم النص. الفهم بشري مرتبط بمعطيات العلوم والمعارف المتوافرة في زمن الباحث والدارس. هذا المبدأ جوهري في جانب محدد من القرآن الكريم، ألا وهو الآيات التي تتناول شؤون الخلق والكون والحياة. هذا هو المجال الذي سيظل يتطلب من أهل الاختصاص المزيد من التعمق في القراءة بأدوات علمية جديدة، بنزاهة أكاديمية لا تدعي الفهم المطلق والوصول إلى الحقيقة المسلم بها نهائياً. تلك عظمة البحث العلمي.
مثلا: صورة الكون اليوم في ضوء الفيزياء الفلكية، تختلف جذرياً وكلياً عنها قبل ألف سنة، حين كان الناس يرون الأرض بسيطة وأنها مركز الكون. ثم، ما هي الأبعاد التفسيرية والفهمية التي يضعها المرء في ذهنه، وهو يعكف على التدبر والتفكر في شؤون الخلق والكون والحياة؟ صورة الإنسان اليوم في ذهن المتفحص ليست هي صورة الإنسان في ذهن من عاش قبل ألف عام. صورة خلق الإنسان في النص تتوسع إذاً طبقاً للمنظومة العلمية والمعرفية الحديثة. كذلك علاقة الإنسان بالأرض والكون، من خلال تكوين الآدمي هو الآخر من الجسيمات ما دون الذرة، من الذرات، من الجزيئات، من الحمض النووي، من البروتينات، من الخلايا إلخ.
لا رجماً بالغيب، ولا قراءة يقينية في ذهن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، الذي أمر بإنشاء الكلية، ولكن يرجح القلم أن مناهجها ستضع في الحسبان أن الله خلق الكون والحياة بالفيزياء والكيمياء وعلوم الأحياء، بالتالي يحتاج فهم الكتاب إلى توسيع الآفاق الذهنية لدى الطلاب بمبادئ هذه العلوم، ما يجعل قراءة النص والتفسير، عملية متجددة متطورة باستمرار، ومتحلية بالبحث العلمي الذي لا يدعي الرأي المطلق أبداً. لا حاجة إلى الحديث عن ضرورة البناء اللغوي العتيد في المناهج لإدراك أسرار البلاغة. أما المباحث الأخلاقية والأمور الشرعية، فهي الأيسر على واضعي المناهج.
لزوم ما يلزم: النتيجة اللغوية: الكلية معناها في اسمها، يكتمل مضمونها ورسالتها بكل العلوم.

abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى