قضايا ودراسات

هل تندلع حرب في البلقان؟

جاستن ريموندو

بينما يركز العالم على البؤر الساخنة في الشرق الأوسط وكوريا، فإن الحرب التالية قد لا تحدث في أي من هاتين المنطقتين، وإنما في مسرح نزاعات قديم أصبح شبه منسي.
في مقابلة مع الطبعة الأوروبية لمجلة «بوليتيكو» الأمريكية، هدد رئيس وزراء ألبانيا إيدي راما بحرب إذا حرمت كوسوفو من عضوية الاتحاد الأوروبي. وقالت المجلة في تقرير: «قال رئيس وزراء ألبانيا إنه لا يمكن استبعاد اتحاد بين ألبانيا وكوسوفو إذا تلاشت إمكانية انضمام البلقان الغربي إلى الاتحاد الأوروبي… وقال رئيس الوزراء راما إن أوروبا سوف تواجه كابوسا، إذا جن جنون البلقان بسبب تلاشي إمكانية العضوية الأوروبية».
وما قصده راما ب «جن جنون البلقان» يبدو أنه الحرب. وهذا طبعاً سيكون نتيجة اتحاد بين كوسوفو وألبانيا، وهو ما هدد راما بتحقيقه. وفي هذه الحالة، سترد صربيا بسرعة من أجل حماية الأقلية الصربية المحاصرة في كوسوفو. وروسيا، التي تؤيد بلغراد، سوف تدعم الصرب.
وسبب إحجام الاتحاد الأوروبي عن قبول عضوية كوسوفو والبوسنة، مرتبط بالممارسات غير الديمقراطية لحكومتي هذين البلدين، المتهمتين بالتورط في الجريمة المنظمة، وكذلك بانتشار العنف السياسي، والتزوير الانتخابي، والفساد المكشوف.
ومنذ حرب كوسوفو في 1999، تسعى حركة قومية ألبانية إلى إقامة «ألبانيا الكبرى» عبر منطقة البلقان. وعندما دعمت الولايات المتحدة حملة كوسوفو من أجل الاستقلال وهاجمت يوغوسلافيا السابقة عسكريا من أجل هذه الغاية، فهي إنما دعمت عملياً هذه الحركة الألبانية عسكرياً وسياسياً.
والآن، عاد شبح القلاقل في البلقان، ليهدد بتكرار نزاع في هذه المنطقة. ففي كوسوفو، المعارضة مصممة على إجراء استفتاء حول الاتحاد مع ألبانيا، بالرغم من أن دستور كوسوفو يحظر صراحة هذا الخيار.
وفي مقدونيا المجاورة، شكلت أعمال إرهابية متقطعة يقوم بها ألبان انفصاليون تهديدا لوحدة هذا البلد.
وفي البوسنة، حيث يهيمن المسلمون على الدولة «متعددة الثقافات»، تسعى الأقلية الصربية إلى الاستقلال.
وفي جمهورية مونتينيغرو (الجبل الأسود)، يطالب الصرب بحكم ذاتي، في حين أن أقلية ألبانية تدعو إلى «ألبانيا الكبرى».
وحتى اليونان تأثرت بهذه الحركة القومية الألبانية، حيث تطالب أقلية ألبانية صغيرة هي أيضا بالانضمام إلى «ألبانيا الكبرى».
باختصار، الأقليات الألبانية عبر المنطقة اتجهت نحو التطرف تحت تأثير إيديولوجية قومية متطرفة، فأصبحت تشكل عامل زعزعة استقرار.
وما يهدد به راما في حقيقة الأمر هو ضم كوسوفو وإقامة ألبانيا الكبرى. وإذا تحقق هذا المشروع بالفعل، فمن المؤكد أن ذلك سيفجر نزاعا مع صربيا، التي تسعى لحماية من تبقوا من الأقلية الصربية في شمال كوسوفو. وفي مقالته مع «بوليتيكو»، قال راما إن مثل هذا الاتحاد بين ألبانيا وكوسوفو «ليس رغبتي، ولكنه بديل ممكن للباب المغلق للاتحاد الأوروبي».
وهذا يبدو ابتزازا صريحا: امنحونا عضوية الاتحاد الأوروبي، وإلا فإن شبح الحرب سيظهر مجددا في منطقة البلقان القابلة للانفجار. وحسب تعبير راما، فإن «الطريق الوحيد لإبقاء البلقان في حالة سلام وتعاون هو إبقاء طريق الاتحاد الأوروبي مفتوحا». وكان الرد الصربي على تصريحات راما سريعا وواضحا، إذ قال تقرير لوكالة «أسوشيتد برس»: «حذر مسؤولون صرب من اندلاع حرب أخرى في البلقان إذا حاول الألبان تشكيل دولة موحدة مع كوسوفو وإذا لم يرفض الغرب مثل هذه الخطة… وقال الوزير في الحكومة الصربية ألكسندر فولين إنه يتوقع من الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي أن يدينا مثل هذه البيانات، وإلا من الممكن أن تندلع حرب أخرى في البلقان».
يذكر أن القوى الغربية كانت دائما تستخدم الألبان في سعيها للحد من نفوذ روسيا في البلقان.

كاتب أمريكي ورئيس تحرير.
موقع «أنتي وور»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى