هل نرى سير الملهمات أفلاماً؟
سوسن دهنيم
كثيرات هن النساء المؤثرات في مجتمعاتهن. النساء اللاتي لا يأبهن بذكورية المجتمع أو كل ما يقال عن ضعف المرأة وقدراتها المحدودة وضرورة المحافظة عليها من الخدوش الناتجة عن بعض الوظائف أو المهام.
وكثيرة هي الأفلام السينمائية التي جسدت هذه القناعة وأعطت أمثلة صارخة لتلك النساء من خلال تجسيد حياتهن فيلماً أو من خلال اقتباس جزء من سيرهن لتكون موضوعاً رئيسياً للفيلم.
ما جعلني أفكر في هذا هو ما جاء في فيلم «المرأة التي تمضي قدماً» أو «woman walks ahead» المنتج في العام 2017 وعرض في صالات السينما في هذا العام، والذي شاهدته عن طريق المصادفة على متن الطائرة في رحلتي الأخيرة.
يروي الفيلم قصة الفنانة التشكيلية كاثرين ويلدن، التي جسدت دورها الفنانة جيسكا شاستاين، خلال أواخر القرن التاسع عشر الميلادي ولأنها مهتمة برسم البورتريهات، فقد سافرت إلى «داكوتا» من أجل رسم بورتريه للثور الجالس الذي جسده الفنان «مايكل جريايز»، وهو زعيم واحدة من قبائل الهنود الحمر، ممن كان لها تاريخ نضالي طويل مع البيض.
تنغمس البطلة في الحياة مع أهالي داكوتا الذين يطالبون بحقوقهم المستلبة في أراضيهم، خصوصاً مع المعاهدة التي ستقضي بتقسيم أراضيهم مع البيض. وتأخذ هذه المرأة القادمة من نيويورك دوراً قيادياً، فتحاول إعادة الزعيم إلى سيرته الزعامية بعد أن انتحى جانباً وبدأ بزرع البطاطا وتنجح في هذا، كما تنجح في توفير الطعام والشراب للهنود الذين يحاول البيض الضغط عليهم من خلال تقليص حصصهم من الطعام، وكيف لا وهي ابنة نيويورك الثرية، متحملة الأذى الذي يحل عليها من أهالي المدينة ورجال الشرطة القادمين من نيويورك أيضاً.
لن أتحدث عن الفيلم إخراجاً ولا حبكة، لكن ما يهمني فيه هو هذا الدور القيادي للبطلة، وكم نحن بحاجة إلى إنتاج أفلام سينمائية عربية تتناول هذا الجانب لنسلط الضوء على سير نساء كثيرات طالما عرفنا أدوارهن واعتبرناهن قدوة حين نريد انتزاع أحد حقوقنا.
لدينا الكثير من الأسماء على مر التاريخ والعصور كانت وماتزال مثالاً يحتذى به، نحن بحاجة لتعريف الأجيال الجديدة والعالم بسيرهن، ولا يوجد أهم وأجدى من السينما لفعل ذلك وهي العابرة للقارات واللغات.
نتمنى أن نجد خططاً مدروسة من الهيئات الحكومية والخاصة لتصدير تجاربنا الملهمة، بدلاً من أن نكون دائماً ضمن المستوردين لتجارب الآخرين.
sawsanon@gmail.com