غير مصنفة

آسيا مقبلة على سنة صعبة

نِك بيسلي *

في 2017، أدركنا أخيراً أن العقود الأربعة من الاستقرار الجيوسياسي، التي تمتعت بها الدول والمجتمعات الآسيوية قد انتهت. وفي عام 2018، ستصبح الأنماط الرئيسية التي ستهيمن على المنطقة، واضحة بشكل متزايد.
فالصين والولايات المتحدة، توصّلتا إلى طريقة للتعايش معاً في سبعينات القرن الماضي، وقد مهّد ذلك السبيل للنموّ الاقتصادي الملحوظ في المنطقة. سعت الولايات المتحدة بنشاط إلى إشراك الصين، معتقدة أن التكامل الاقتصادي الصيني مع العالم، سيؤدي في نهاية المطاف إلى تحرير النظام السياسي في الصين.
ولكن، كما أوضحت السنوات الخمس الماضية، أصبحت الصين أكثر عزماً على تغيير البيئة الدولية إلى واحدة من مصالحها على نحو أفضل.
كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في عامه الأول، مترفقاً مع الصين على نحو مستغرب. وعلى النقيض من خطابه في حملته الانتخابية، سلكت إدارته مع الصين نهجاً اتسم بالاعتدال، وركزت بصورة أساسية على إقامة علاقة شخصية طيبة مع الرئيس الصيني شي جين بينج، وحاولت حشد المساعدة الصينية لمعالجة الطموحات النووية لكوريا الشمالية.
ومن المرجح أن يتغير ذلك في عام 2018. وكما توحي استراتيجية الأمن القومي، واستراتيجية الدفاع الوطني، تعتبر الولايات المتحدة التنافس الاستراتيجي بين القوى الكبرى، أهم سمة من سمات البيئة الأمنية في البلاد.
ونتوقع أن تزداد منافسة الولايات المتحدة لقوة الصين ونفوذها، سواء في المنطقة أو على الصعيد العالمي. ومن المتوقع أن يتخذ ذلك شكلين؛ عسكري واقتصادي على حدّ سواء، حيث تعتبر الولايات المتحدة الصين، خصماً على مدى الطيف برمته. وهذا يعني نوعاً من الإجراءات بشأن ما تعتبره الولايات المتحدة سياسة تجارية جشعة من قبل الصين، فضلاً عن تصعيد الخطوات العسكرية للرد على الأنشطة الصينية، وخاصة في البحر.
ولن ترد الصين على الزيادة المحتملة في الضغط الأمريكي باتزان. وفي الواقع، هنالك خطر حقيقي في عام 2018، من أن تغالي الصين في تقدير قوتها. فالدرس الذي استخلصته من عام 2017، هو أن ترامب نمر من ورق. وهي تتخيله غير قادر ولا راغب في مطابقة أقواله المتبجحة مع الأفعال.
ويُحتمل أن تكون الجزر المتنازع عليها في بحر الصين الشرقي، المكان الأرجح لحدوث ذلك. وفي حين أن المنافسة الصينية الأمريكية، سترفع درجة الحرارة الإقليمية.
فأزمة «دوكْلام» في العام الماضي (حين أرادت الصين بناء طريق في هذه المنطقة المتنازع عليها بين الصين، وبوتان، حليفة الهند)، تُذكِّرنا بأن الحدود الشاسعة بين الصين والهند، تخضع لتنافس شديد. ونتوقع أن تؤدي طموحات الهند واعتداد الصين بنفسها، إلى المزيد من التوترات في منطقة الهيمالايا.
وفي أواخر عام 2017، التقى مسؤولون كبار من الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا، لإحياء «مبادرة رباعية» اتُخذت قبل عقد من الزمن.
وسيشهد هذا العام أيضاً مزيداً من الانحدار في مخزون الليبرالية في آسيا. لفترة من الزمن في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، بدت الليبرالية في تصاعد. انضمت الصين إلى منظمة التجارة العالمية، وكانت الديمقراطية تكتسب شعبية في جنوب شرقي آسيا.
ولكن الأمور لم تعُد كذلك. فلا ديمقراطيات في جنوب شرقي آسيا القارّي.
وقد أصبحت آسيا المتنافسة والمتنازع عليها واقعاً جيوسياسياً وجيواقتصادياً قائماً. في عام 2018، سنشهد مدى الحدة الذي ستبلغه المنافسات. فالقومية الصينية الجريحة، والولايات المتحدة المتقلبة والتي لا يمكن التنبؤ بها، والقيادة السياسية الضعيفة في العديد من القوى الإقليمية، تعني أن السنة الحالية في آسيا، ستكون أصعب وأكثر تحدياً من عام 2017.
أصبحت آسيا المتنافسة والمتنازع عليها، واقعاً جيوسياسياً وجيواقتصادياً قائماً. وفي عام 2018، سنشهد مدى الحدة الذي ستبلغه المنافسات، كما يقول «نِك بيسلي».

* أستاذ العلوم السياسية في جامعة لاتروب الأسترالية
موقع: ذي كنفرسيشن


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى