مقالات اجتماعية

الأب

أسماء عبد المنعم

في الحقيقة لا أعلم من أين تأتي البداية، في هذه اللحظات تدور في ذهني الكلمات كالدوامة بعضها مبعثر والآخر مرتب، تبقى كثيرة عميقة جدا وحينها تلتف حول قلمي ليطبعها كلها دفعة واحدة …

في صباح ذلك اليوم الباكر ومع صوت زقزقة العصافير، ومن هنا بدأ خيالي بالسرد؛ أتساأل !
لماذا غالبيتهم لا يلتفتون لقيمتك ولا يشعرون بما في داخلك ؟ نعلم جيدا أن كلمات الشكر والعرفان بالجميل لن تكفيك أبدا؛ نتمنى فقط أن يسعد بها قلبك الشغوف بحبنا ..
تأتي غالبية الكلمات المعبرة عن الحب للأم ثم الأم ( بتاتا أنا لا أستهين بعملها ودورها وحبها وعطفها وحنانها ولو نفذ حبر قلمي لن ولن تنفذ كلماتي لتعبر عن مكانتها في قلوبنا .. )

أين انت أيها الأب ايها الزوج ؟!
القليل القليل من يلتفت إليك

أبي – زوجي – أخي وكل رجل أصبح أبا وزوجا ومسؤولا
حان الوقت لنرفع لكم جميعا قبعتنا في صمت – نعم في صمت – لأنه لا يوجد من حروف لدينا تكفي لوصف ما نكنه بداخلنا تجاهكم .
ينهض الأب في ذلك الصباح ليذهب إلى عمله، يطيل التفكير طويلا أثناء احتسائه لقهوته، يدور في ذهنه أن تلك الزوجة وهؤولاء الأطفال يعتمدون على الله ثم عليك في مستقبلهم، حينها يلاحقه شعور بكبر حجم المسؤولية وأنه ملزم بتحقيق رفاهية المعيشة والسعي لها .

هو فقط من يشعر بالسعادة عندما ينفق كل ما جمعه من مال على تلك الأسرة
هو فقط من تغمره السعادة عندما تكوني انتي الزوجة سعيدة وأطفالك تملؤهم البهجة والسرور
قولي لي أنتي ( أتستطيعين أن تعملي ليل نهار ولا يكون لكي الا القليل القليل من ما جنيته من مال؛ بالاضافة أن تكوني بشوشة ويغمر قلبك ووجهك السعادة ) تكون الاجابة بالطبع لا !

في الغالب ينعدم في مجمتمعنا دور آخر للأب سوى جني المال .
لكنني في الحقيقة لا يعنيني ال 95% من هؤولاء الرجال؛ حديثي هو عن ال 5% وهذه الأرقام تقديرية من وجهة نظري ليست بالدقيقة .

يراودني شعور بالفرحة الغامرة عندما أنظر الى عيني هؤولاء الآباء والأزواج وهو قادم من العمل وجسده منهك فيحتضن أطفاله وزوجته عند وصوله للبيت .
حينها تهمس تلك الطفلة الصغيرة ذات السبع سنوات في نفسها [ نعم يا أبي انت الأمان والحب والعطاء، ومن الآن يا أمي أنا وأنت ـ لسنا خائفين من أي شيء، ها هو قد جاء بطلي ليحمينا وسيضحي بكل ما يملك لاسعادنا وارضائنا حتى لو تطلب الأمر أن يضحي بحياته ! ]
ثم تسرد تلك الطفلة كلمات من حديث والديها ولا تكمل ..
الأب : ماذا عن يومك عزيزتي .
الأم : الحمد الله كل شيء على ما يرام ، كان يوما لطيفا ووجودك هو ما ينقصنا .
ينقطع الحديث ثم يأتي فجأة على لسان الطفلة الصغيرة وهي فخورة بأبيها
[ أبي لا يفعل كما يفعل معظم الآباء؛ لا يتركني أنا وأمي وحيدتين عند ذهابنا للطبيب كما يفعل آباء جيراننا ، لا يلقي على عاتق أمي كل المهام بحجة أنه يعمل وكما هو الحال مع أمي عندما تمرض لا يتركها وحدها ويرعاها ويذهب بها الى الطبيب ، وهو كذلك أبي المعلم الذي طالما تابع مع الكثير الكثير من الدروس والواجبات المتعلقة بالدراسة ] .
لا يا صغيرتي لم يقتصر الأمر على دروس المدرسة، أرى من كلامك أنه يسعى لغرس القيم والمبادئ والسلوكيات والأخلاق الحسنة لكي تترعرعي في بيئة حسنة بين أسرتك وفي بيتك المستقبلي ان شاء الله 🙂
وتكمل الطفلة [ أبي يساعد أمي في أعمال المنزل ولا يلقيها بأكملها على أمي بحجة أنه يعمل أيضا كما أرى آباء اصدقائي ! ثم تقول لي وعينيها تملؤها الدموع التي تحاول أن تخفيها عني _ لكني أراه في العديد من المرات يتشاجر مع أمي ]
تلك الطفلة لم تعلم بعد بأمر في غاية الأهمية؛ أننا البشر لسنا معصومين من الخطأ جميعنا يخطأ، من الطبيعي أن يختلف الزوجان على أمر ما ويتشاجران وسرعان ما ترجع الأمور كما كانت .
عندما تكبرين يا صغيرتي ستعلمين أن كل ما طبع عليك من تربية ستتوجين بها في شبابك وبيت زوجك المستقبلي )

تكمن المشكلة الأساسية على صعيد ذلك المجتمع الذكوري الذي طالما جعل الاب والزوج هو عبارة عن نقود لا غير !
أتعلم كيف يرونك أطفالك ( لا الا عملات ورقية تمشي على الأرض ) 😀
لذا حان الوقت لترتقي وترمي من على عاتقك كل تلك العادات والتقاليد والخرافات وكلام الآخرين وكيف هم يرونك ؟!
أنت أمام نفسك كيف ترى نفسك ؟!
ما الذي يدعوك لأن تخجل وأنت تساعد زوجتك في أعمال المنزل _ أهذا يقلل من رجولتك في شيء ؟ قل لي اذا لماذا ؟!
في الحقيقة أنت تخجل من أن يراك أحدهم ( أصدقائك جيرانك أقاربك ..الخ ) وانت تفعل هذا !
وعلى نفس الوتيرة
لماذا تخجل وأنت تأتي بجميع أغراض البيت من الخارج ؟
لماذا تترفع وتتأفف وأنت ترعى طفلك الرضيع بضع ساعات وتترك زوجتك لترتاح قليلا فهي بشر ومن المؤكد أنه يأتي عليها وقت تريد أن تنفصل عن هذا العالم لتنال قسطا من الراحة فرفقا بها ..
ولماذا أصبح عجيبا وأمر غير مألوف أن تذهب بأطفالك الى المدرسة وأن تتقاسما الوقت في الاشراف على دروسهم .
….. الخ
في الحقيقة لم أكن أريد أن أتطرق في مقالي فئة الرجال الذين يمثلون نسبة 95% التي ذكرت سابقا؛ لكن سحبني قلمي للكتابة عنهم لما أكنه بداخلي من مشاعر سلبية تجاه أفعالهم .

_ أتعلم عزيزي الرجل أن مجتمعنا المعظم فيه على الطريق الخاطئ وبتسميتي الشخصية ( المشي خلف القطيع ) ! وأن الذي يسلك الطريق الصحيح هو المختلف والجميع ينظر اليه نظرة استعجاب واندهاش !
عزيزي الأب والزوج : تذكر أن دورك يتجلي في تحمل المسؤولية المادية ومسؤولية غرس القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة في نفوس أبنائك والتحلي بالصبر معهم .. بالاضافة الى علاقة تقوم على الاحترام والحب مع زوجتك و.. و … الخ
وليس فقط جني المال !!

وفيما يلي بعض ما قيل عن الأب :
– لا يقلق من كان له أب ، فكيف بمن كان له رب . ( محمد متولي الشعراوي )
– لا يغفو قلب الأب الا بعد أن تغفو جميع القلوب . ( ريشيليو )
– من لا يستطيع أن يقوم بواجب الأبوة، لا يحق له أن يتزوج و ينجب أبناء. (جان جاك روسو )

 

زر الذهاب إلى الأعلى