التعليم رهان العالمية
ابن الديرة
بات النهوض بالتعليم وإحداث تغييرات نوعية في مسيرته ومكوناته، هو الرهان الحقيقي للدول الجادة في مساعيها للوصول إلى العالمية، والخروج من النطاق الوطني والإقليمي إلى قيادة العالم، تتقدم صفوفه الأولى في جميع معاركه، بدءاً من توفير حياة آمنة ومستقرة للناس، ينعمون فيها بمستويات معيشية راقية، جنباً إلى جنب مع معاركها في الارتقاء بوسائل العصر وأدواته والتمسك بمنهجه العلمي، ومكافحة أمراض الإنسانية الناتجة عن الفقر وضعف الموارد الطبيعية وغياب التعايش السلمي بين العقائد المتباينة، وبغير إحداث ثورة حقيقية في المنظومة التعليمية كاملة وبلا استثناءات، فإن من العسير تحقيق الاستراتيجيات الكبرى التي تتيح التواجد في المراكز الأولى العالمية دائماً.
من هذا المنطلق، تؤكد قيادتنا الرشيدة في كل مناسبة، وعبر التأطير القانوني أيضاً، ضرورة التحول النوعي في مسارات التعليم، لتواكب نهضة تنموية شاملة تعيشها البلاد، تخطت فيها التطلع إلى مؤشرات النمو المتواضعة، إلى موازنات بلا عجز وهو الأمر الذي تعجز عنه معظم دول العالم، وإلى ثورة صناعية عالمية رابعة، وحكومة ذكية، ومجتمع متميز ومبتكر، وبالتالي لا يجوز للتعليم أن يتراجع ولو خطوة واحدة إلى الخلف، بل يجب أن تسبق تغيراته وإنجازاته ما عداها من مقومات التنمية الأخرى، في خط بياني متصاعد يشمل جميع المكونات والمؤشرات الوطنية في معركة التنمية الشاملة.
وتحقيق تغيير جذري في قطاع التعليم، يتطلب وضع منظومة تعليمية شاملة ومتكاملة، تحاكي أفضل نظم التعليم في العالم، بشراكة مجتمعية فاعلة تساهم في خلق بيئة تعليمية محفزة للطلاب، بدءاً من البيت والمدرسة، وليس انتهاء بالنادي والتشكيلات الاجتماعية والثقافية المختلفة التي أنشئت لتحتوي الشباب، وتحصنهم ضد أية أفكار سوداوية متطرفة من خلال المبادئ التي تروج لها الإمارات حالياً، وفي مقدمتها التسامح، وتقبل الآخرين، وعدم ازدراء الأديان والمعتقدات والمذاهب والجنسيات الأخرى، والسعادة للجميع.
ورعاية الطلاب يجب أن تبدأ من المراحل الأولى لحياتهم، وبالتحديد من مرحلة رياض الأطفال، التي يجب ألا نستهين بها، ونعتقد خطأ أن أي شخص مهما كان تأهيله يمكنه أن يعمل بها، فهذا مفهوم خاطئ ومدمر، لأن في هذه المرحلة بالذات يتم تشكيل الطفل وتحديد ملامح شخصيته، وتوجيهه الوجهة الصحيحة التي تعود بالخير عليه وأسرته ووطنه سوياً، فإذا نجحنا في الاستثمار المؤثر فيها، فلا بد أن ننجح في بناء طالب ناضج سلوكياً ومعرفياً، يتمسك بهويته الوطنية، ويحدد ملامح طريقه المستقبلي بما يحقق ذاته، ويساهم في خدمة مجتمعه.
حينها يمكن الحديث بثقة أننا سنحقق المراكز العالمية الأولى في معظم المجالات، بالعزم والتصميم والإرادة، وهو ما تؤكد عليه قيادتنا الرشيدة دائماً، حين تقول إنها تستثمر في الإنسان، عبر استراتيجية تطوير التعليم، وكافة الخطوات التي استهدفت الارتقاء بمؤسسات الدولة، وفي مقدمتها بناء الاقتصاد المعرفي المتنوع.
ebn-aldeera@alkhaleej.ae