الخرافة والعلم الزائف والحقيقة

شيماء المرزوقي
نفهم منطلقات الخرافات وكيف تنشأ الأساطير، وببساطة يمكن القول إنهما تتغذيان من الجهل وعدم المعرفة، وكما يقال كلما تدنت المعلومات الحقيقية الثابتة لبعض الظواهر التي نعجز عن فهم سببها، فإننا مباشرة نستدعي الخرافات ونحيك الأساطير لتقوم بمقام الإجابة وسد العجز المعرفي البشري. وهذا الدور للخرافة كان ماثلاً دوماً في تاريخ الإنسان، ومع تزايد العلوم والمخترعات والمبتكرات والتطور التقني وتحول النظريات الفيزيائية والطبية إلى حقائق مثبتة ساعدها دخول الآلة والكمبيوتر وشبكة قوية من المعلومات اختصرت الوقت والبحث الطويل، كل هذا ساهم بطريقة أو أخرى، بأن يسود العلم ويتقدم على حساب الفرضيات والتخمينات وأيضاً على حساب الخرافات والتفسيرات الوهمية الخيالية. لقد قدمت العلوم الحديثة في مختلف المجالات إجابات علمية مقنعة وثابتة وأيضاً قاطعة للكثير من المواضيع الجدلية أو تلك التي لم تكن ثابتة أو التي لم نعرف لها تفسيراً منطقياً وصحيحاً.
ولكن هناك معضلة أخرى أخذت في النمو وهو ما تعارف على تسميته بالعلم الزائف، ويعتبر أشد من الخرافة؛ لأنه أكثر إقناعاً ولأنه يتستر خلف قناع الموضوعية العلمية والحقائق العلمية، بينما هو يستخدم أدوات العلم وطرقه البحثية ولكن للخروج بنتائج مضللة غير صائبة. وهذه هي المشكلة الحقيقة، لأن هناك كثيراً من الناس يصدقون ويؤمنون بالعلم، وهو يأتي بنفس لون العلم وبنفس الآلية والطريقة التي يسير بها، وفي مختلف العلوم ستجد أن العلم الزائف حاضر وله كلمته.
في الكتاب الذي حمل عنوان «الطفرات العلمية الزائفة، عندما يطمس العلم الحقيقي ويسود العلم الزائف»، تحدث مؤلفاه تشارلز وين وآرثر دابليو ويجنز، عن هذا الجانب ووضعا قائمة بالعلوم الحقيقية وتلك التي تعتبر علوماً غير حقيقية، أمام الانثروبولوجي التنجيم، ومقابل علم الفلك جاءت نظرية الخلق، والكيمياء الاستنباء، والجغرافيا العلاج المثلي، والجيولوجيا علم القزحية، والتاريخ السحر المقصود، وعلم النفس قراءة الكف، وعلم الاجتماع فراسة الدماغ. والذي نخرج به أن العلوم الحديثة من الرياضيات والطب والفيزياء وغيرها وجدت دوماً ما يقابلها في مجال العلم الزائف، دون شك أن رواد العلوم الزائفة لا يمكن لهم حتى الدخول للأروقة العلمية ومنافسة العلم الحقيقي، لكن ميدانهم الواسع الناس، وهذا ما نراه اليوم من خلال بث الزيف سواء من خلال الإعلانات المضللة عن إيجاد علاجات لأمراض مستعصية أو تقديم حلول لمشاكل يعاني منها الكثيرون تحت مظلة العلم وهي وهو علم زائف ولا أكثر.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com