مقالات اجتماعية

بعد حبس الوالد لضربه ابنته

#مقالات

أحمد عبد التواب

المؤكد أنه حكم تاريخي، ولكن ليس، كما روَّج بعض المعلقين، لأنها أول مرة تستصدر فتاة حكماً بحبس والدها، ولكن لأن القضاء المصرى استن مبدأ شديد الأهمية، يفصل بين حق الوالدين فى تربية الأبناء، وبين التعسف فى استغلال هذا الحق إلى حد إيذاء الأبناء. ويقول دفاع الفتاة الضحية، التى اشتُهِرَت إعلامياً بلقب (فتاة المعادي)، إن أهمية الحكم، بحبس الوالد سنة، فى إنه صار سابقة فى الاعتراف بالشخصية القانونية للفتيات، وفى وضع حد للعنف المنزلي، بعد أن فصل الحكم بين مسئولية الأسرة فى التربية والرعاية، وبين التعسف فى استعمال الحق الذى يصل إلى ممارسة العنف. فى حين أن دفاع الوالد المتهم فشل فى إقناع المحكمة بأن ما فعله يدخل ضمن مفهوم التربية والتأديب.

وكانت النيابة العامة قد أحالت المتهم للمحكمة فى تهم خطف وضرب واحتجاز ابنته التى تبلغ 22 عاماً، والتى تعيش فى حضانة جدها وزوجته منذ كان عمرها 5 أشهر، بعد طلاق والديها، وبعد أن سافر الأب إلى اليابان وتنازل عن جنسيته المصرية. وبسبب تدخلات الأب المتباعِدة بالعنف فى اختيارات الفتاة الدراسية، لجأ الجد الحاضن الفعلى إلى استصدار حكم من القضاء بحقه فى حضانة الفتاة وبمسئوليته عن رعايتها التعليمية، كما تنازل الجد للفتاة عن ثُلث ثروته لحماية مستقبلها، وكان هذا ما أثار الأب فحاول أن يقهر الفتاة بالقوة على السفر معه إلى الخارج، وقد أثبت الطب الشرعى الإصابات التى لحقت بها من جراء هذا. فصدر الحكم بحبسه فى إدانته فى تهمتى الضرب والاحتجاز.

هناك عوامل تبدو متعارِضة ولكنها تتضافر معاً فى دعم وتفشى ظاهرة العنف الأسري، أولها الفهم الخاطئ الشائع عن حق الوالدين فى ممارسة العنف ضد أطفالهما بزعم أنها أفضل وسيلة للتربية، وهو ما تدعمه أفكار أكثر تخلفاً تشيد بأخلاق الابن الخاضع لعنف والديه، بل إنها تعتبر تذمره خروجاً على الأخلاق، وأما لجوء الأبناء إلى الشرطة والعدالة فتُعتَبَر وصمة لا تمحي. وأخطر ما فى هذه المفاهيم أنها لا تستوعب الأثر السلبى لترسيخ إحساس الطفل بالمهانة والذل، مع تكبيله عن الرد أو الدفاع عن نفسه.

نقلا عن الأهرام

زر الذهاب إلى الأعلى