عقولنا التي لا نعرفها

شيماء المرزوقي
اجتهد العلماء سنوات طويلة في وضع درجات تستهدف قياس الذكاء لدى الإنسان. وتبعاً لهذه القياسات تم وضع درجات للذكاء وكل درجة تبلغها لها تعريف محدد، مثل عبقري، وذكي جداً، وفوق المتوسط، ومتوسط الذكاء، ودون المتوسط، وغبي، وضعيف العقل، وأبله، ومعتوه.
وهناك تعريفات أخرى وفق تصنيفات مختلفة مثل درجة العبقرية العالية جداً، التي تعتبر درجة مذهلة ولا تكاد تكون موجودة، وهناك العبقري بدرجة عالية، ثم العبقري، يليه ذكاء ممتاز جداً وموهوب ويقترب من العبقرية، بعده يأتي الذكاء الجيد جداً، وهو يصنف بأنه أعلى من الذكاء في حده العام، ثم نصل للذكاء الجيد، ثم الذكاء في حدوده الأولى، وصولاً عند درجة ذكاء أقل من الحد العام للذكاء.
اختبارات الذكاء تعود لفترة زمنية قديمة جداً هي مطلع القرن الماضي التاسع عشر الميلادي، وتحديداً عام 1905 عندما قام عالمان فرنسيان هما ألفريد بينيه وتيودور سيمون، باختراع اختبار يستهدف قياس درجة الذكاء لدى الإنسان، ووضعا الرقم مئة كمتوسط للذكاء عند الإنسان، وكلما زادت النتيجة تم اعتبار الشخص أكثر ذكاء وفق ما يحققه من درجات. وكوننا نعيش في هذا الزمن الذي يضج بالتكنولوجيا والتطورات التقنية الهائلة، وبعد مرور أكثر من مئة عام على وضع هذا الاختبار، فإن السؤال: هل يمكن لمعايير وضعت لقياس ذكاء الإنسان في ذلك العصر، قبل مئة عام، أن تكون مناسبة ومتواكبة لقياس عقل إنسان اليوم؟ المعلومات والمعارف التي بين أيدينا اليوم تختلف كلياً عما كان سائداً في تلك الحقبة، وأيضاً الأولويات بل حتى العلوم وكيفية التعاطي معها وتعلمها اختلفت تماماً، هل يمكن اعتبار ذلك القياس صحيحاً والتسليم به؟.
أدرك أن هناك تطورات حديثة طرأت وأدخلت نظريات ولكن المبدأ يظل كما هو، الإنسان الذي يفشل في جانب قد يكون مبدعاً ومتميزاً في جانب آخر، فكيف يمكن لقياسات الذكاء رصد مثل هذه التباينات والاختلافات؟ وهذه النقطة توصل لها علماء في جامعة جرانادا الإسبانية، حيث أكدوا على عدم وجود اختبار عالمي موحد للذكاء، لأن هناك تباينات واختلافات ثقافية بين الناس والمجتمعات هي التي تحدد نتائج مثل هذه الاختبارات إلى حدٍ كبير حسب ما اتضح من دراسة عينة مكونة من 54 شخصاً من الإسبان والمغاربة لتحديد طبيعة اختبارات الذكاء.
إننا حتى هذا اليوم ورغم كل الجهود نفشل في معرفة عقل الإنسان وآلية عمله، لأن هناك دوماً من يدهشوننا بأفكارهم ومبتكراتهم وقد قيل عنهم يوماً ما بأنهم أغبياء.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com