قضايا ودراسات

اختلافاتنا قدرنا وقوتنا

شيماء المرزوقي

لا شك أن نظرتنا للعالم الخارجي بل حتى لمحيطنا الذي نعيشه فيه، تختلف من شخص لآخر، فكل واحد منا ينظر للعالم الذي يكتنفه نظرة مغايرة عمَّن هو أقرب الناس له فكيف الحال بمن هم أبعد عنه؟ ويعود السبب الرئيسي لهذا التباين لاختلاف الاهتمامات والميول والهوايات والرغبات، هذا الاختلاف ليس في النظرة وحسب، وإنما في الحكم على مختلف المشاهد، فما قد تراه وتفسره بأنه عامل مظلم وغير جيد، قد يراه الآخرون على أنه إيجابي وفي مكانه تماماً. لا تقل إن هناك حقائق ثابتة يراها الجميع بنفس النظرة، إطلاقاً، كل شيء مما نسميه حقائق ثابتة يوجد من يراه بنظرة مغايرة تماماً للمجموع العام. هناك من يفهم سبب مثل هذا التباين ويقدره ويضعه في سياقه العام كونه شيئاً ثابتاً لا يمكن تغييره ولا التأثير فيه، وكل ما يمكننا فعله هو أن نحاول توظيف مثل هذه التباينات لصالحنا ونجعلها دافعاً نحو التفوق والتميز. وكما يقال فإن الاختلاف يولد القوة، البعض الآخر يمضي حياته وهو يبذل جهوداً حثيثة لإقناع المقربين من فكرته بأنها هي الحقيقة المطلقة، وهؤلاء وبعد مضي وقت طويل يكتشفون أنهم كانوا بمثابة من يحاول الرسم أو الكتابة على الماء ولا أكثر.
العالم كله مختلف تماماً بعضه عن بعض، نحن مختلفون في لغاتنا، وفي ملابسنا وفي ثقافاتنا وفي عاداتنا وتقاليدنا، العالم تم بناؤه على التنوع، هناك الصحاري والغابات والجبال والسهول والحر والبرد، وكأن الأضداد هي ما له الكلمة العليا، وهي التي تجعل عالمنا متوازناً ويسير بتفاهم وفق هذه التضادات. على المستوى الفردي الكثيرون منا لم يفهموا هذه الحقيقة لذا تجدهم يدخلون في معارك لا طائل منها مع أقرب الناس لهم، خاصة أطفالهم الذين هم في مقتبل العمر، حيث يحاولون تغيير نظرتهم وفكرتهم وجعلها طبق الأصل منهم، والبعض يدمر حياته الزوجية وعندما تسأله عن السبب يقول: اختلفنا أنا وزوجتي. ولو فهم معنى الاختلاف وكيف يوظفه لجعل حياتهما أسعد وأكثر قدرة على مواجهة صعاب الحياة، ولما حدث الانهيار في حياتهما الزوجية. في الحقيقة لم يحدث اختلاف، وإنما الذي حدث محاولة تسلط طرف على الآخر، محاولة طرف التحكم بالآخر، وهذا هو الذي يسبب التوترات والمشاكل ليس في الحياة الزوجية وحسب، وإنما في كل مفاصل حياتنا العامة.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى