حوارية مشكلة التطوير
عبد اللطيف الزبيدي
قال القلم: هل مشكلة تطوير المناهج العربية سياسية؟ قلت: إذا كان هدف التطوير إيجاد أجيال مختلفة في إدارة الميادين التي تتعلق بفروع التربية والتعليم، فهذا يعني تغيير كل شيء في كل المستويات.هل يمكن التفكير في تحول إيجابي شامل خارج القرار السياسي في أنظمة طبائع الاستبداد؟ مفهوم السيادي أصلاً ملتبس في العالم العربي، معنى الأوطان مرتبط بأنظمة وأحزاب، وهي التي تسن الدساتير وتفسر القوانين، فكيف تقوم لدولة المؤسسات قائمة؟
قال: ندمت على طرح السؤال، دعنا نجربه بالمقلوب: هل مشكلة تطوير أداء البلدان العربية تربوية تعليمية؟ قلت كما يقول القدامى: هذا هذا. إنها حلقة مفرغة يخبط فيها التخلف، غير أن كسرها يحتاج إلى قرار سياسي. الاستبداد أيضاً حظوظ. نظام كوريا الجنوبية كان منذ البداية دكتاتورياً، لكنه جمع عقولاً في كل المجالات، بعضها كان معارضاً في أمريكا وأوروبا، وصارحهم بأن عليهم أن يضعوا أسس تنمية شاملة مشروطة: اقتصاد سوق بلا قيود، واستثمار في البحث العلمي، لكن لا لحرية التعبير والتدخل في سياسة النظام. ما حققته كوريا الجنوبية حتى يومنا، برهان على النجاح.
قال: محظوظة، ففي الاستبداد أيضاً ما تختار. الحصان الأمريكي هنالك حاضر ناظر، ولكنه مهذب لا يرفس، كأن الكوريين وضعوا في مخه نظام التشغيل «أندرويد» أو «آي.أو.أس». قلت: أقولها صراحة، إن النظام العربي ليس قارئاً جيداً للمستقبل. إنه يحتاج إلى تغيير فوري عاجل لطريقة تفكيره غير المرنة. إنني بصدق أشعر بأنه على بركان. إنه غير قادر على تصور أنه خارج الزمن الحقيقي، وبعيد من مسرح الواقع، وفاقد السيطرة تماماً على مجرى الأحداث. إنه يزداد ضعفاً وكل ما حوله من القوى يزداد قوة وتحكماً في مسار الوقائع. في كل حركة تنفلت من يده مقاليد أخرى. إنه لا يدرك أن التخطيط السياسي حسابات في لعبة شطرنج استراتيجية بامتياز، وهو يتوهم أنها لجام دابة أو مقود مركبة. هذا الكلام لا يريد النظام العربي سماعه، ولم يؤهل الإعلام للقدرة على قوله، لهذا ترى الأمور هكذا. هذه أيضاً مشكلة تربوية تعليمية. المناهج القديمة المهترئة التي ظلت قروناً قائمة على العصا، هي التي أنشأت الأنظمة التي «تؤدب» الشعوب بالعصي، كأنما تهش بها على غنم ولها فيها مآرب أخرى.قاعدة المناهج هي التي تصنع قمة الهرم. قيادات المستقبل الإيجابية المنفتحة على شعوبها، منطلق تربيتها وتعليمها حضانة اليوم فصاعداً.
لزوم ما يلزم: النتيجة الحتمية: إذا تطور القرار السياسي، فلا مشكلة في المناهج ولا في السياسة.
abuzzabaed@gmail.comOriginal Article