سوريون ولبنانيون

يوسف أبولوز
من اللافت حقاً.. أن ستة شعراء ممن يمثلون الهوية المعاصرة للقصيدة العربية هم سوريون: أدونيس، يوسف الخال، نزار قباني، ممدوح عدوان، علي الجندي، ومحمد الماغوط، وبحسب ترتيبهم على هذا النحو، فقد غادر الشعراء الثلاثة الأول سورية إلى لبنان، حتى أن بعضهم كما يقال حصل على الجنسية اللبنانية، ومن هؤلاء الثلاثة من هو لبناني الهوى.. والهواء.. إن جازت العبارة في حين بقي عدوان والجندي والماغوط في سوريا، وإن كان الماغوط في أول حياته «رجل في دمشق.. ورجل في بيروت».
ولد أدونيس في قرية قصابين من ضواحي مدينة جبلة في سوريا، وغادر بلده سوريا مبكراً إلى لبنان، وانخرط في مشاريعها الثقافية الفارقة مثل مجلة شعر التي أسسها يوسف الخال، وتالياً مجلته «مواقف» لكن صاحب «أغاني مهيار الدمشقي» حاد اللسان عندما ينتقد بيروت التي فضلها على دمشق… وقال في قصيدته «لو أن البحر يشيخ..».
«لو أن البحر يشيخ لاختار بيروت ذاكرة له
كل لحظة يبرهن الرماد أنه قصر المستقبل..».
وقد كانت وما زالت بيروت هي مدينة أدونيس حتى لو قسا عليها، غير أن هذه القسوة لا توازي لغته إذا كان الأمر يتعلق بدمشق، خصوصاً، بعد الربيع العربي، الذي وقف منه صاحب الثابت والمتحول موقفاً رمادياً أما يوسف الخال فيعتقد البعض حتى الآن أنه لبناني الأصل وهو يحمل الجنسية اللبنانية، وتقول سيرته إنه ولد في عمار الحصن إحدى قرى وادي النصارى في سوريا، ومشروعه كان «مجلة شعر» وشعرياً هو الأقل حظاً إبداعياً بين الشعراء السوريين الستة.. وعن لبنان يقول.. «.. لبنان شأنك أن تبالي.. جنحت خطاك إلى الضلال..//..ما لي أراك تكاد..//.. بعد اليوم..//.. تغرق في الرمال..».
نزار قباني بين من يقول إنه «تلبنن» وبين من يقول إنه لم يحصل على الجنسية..، ولد في حي مئذنة الشحم، مسك العصا السورية واللبنانية من الوسط.. مرة يقول «يا ست الدنيا يا بيروت» ومرة يأخذه الحنين إلى ياسمين دمشق.
قرية السلمية السورية التابعة لمحافظة حماة أنجبت شاعرين علمين محمد الماغوط وعلي الجندي، في حين ولد ممدوح عدوان في قرية مصياف في محافظة حماة.. وكان عدوان أقرب في روحه الشعرية إلى الروح الفلسطينية، وإذ يتحدث عن نهر بردى يصفه خائفاً متوجعاً «..يمتصُّ أحزان الصغار».
علي الجندي هو الآخر خائف متوجع مثل النهر.. لم يغادر إلى لبنان.. قال عنه زيد قطريب عند وفاته «..ظل مهملاً طيلة سنوات كثيرة في منفاه الاختياري دون أن يتذكره أحد..».
الماغوط.. ساخر، حزين، حزنه يشبه حزن بردى الذي ألهم الكثير من الشعراء السوريين.
لماذا يشد بعض أو الكثير من هؤلاء الشعراء رحالهم إلى لبنان.. الجواب في بطن بردى.
yabolouz@gmail.comOriginal Article