مقالات عامة

ليست «مواقع» لرمي النفايات

إيمان عبدالله آل علي

شاشات صماء زادت من العنف اللفظي، وسلوكات سلبية عدّة في صفحات مواقع التواصل، كالسب والقذف، والصور الخادشة، والتعبيرات الطائفية والعنصرية، والتطاول على الآخرين، ويقف المتضررون عاجزين عن مواجهة هذا الكم الهائل من الأذى. فهل أصبحت مواقع التواصل، منطقة لتصفية الحسابات؟ وما الغاية من العنف اللفظي؟ ولماذا يمارس؟ ألا يكفينا العنف الممارس على الأرض!
نشهد يومياً الشتائم والعبارات المسيئة والقذف في تلك المواقع، وتجدها عند كل الفئات العمرية، وحتى الأطفال تعلموا كتابة تلك الكلمات القاسية، فهناك أشخاص بأسماء وهمية يمارسون العنف اللفظي تجاه أشخاص افتراضيين، وبعضهم أصبح يرى الأمر عادياً لتكراره، والمؤسف أن يتعود الأطفال والشباب على ذلك، وما كان مرفوضاً ومستهجناً في الماضي، أصبح جزءاً عادياً من المحادثة الآن.
مؤخراً أعلن مركز شرطة بر دبي، أن شعبة التواصل مع الضحية في المركز، تواصلت مع 71 حالة سب وقذف بين النساء عبر مواقع التواصل، وفعلياً تشهد المحاكم تورط كثيرين في قضايا بسبب قذف الآخرين في العالم الافتراضي، أو التشهير بهم، وتلك الفئة التي تعودت على السب، لديها فهم خطأ لمعنى حرية التعبير عن الرأي، وتظن أنه من المحال الوصول إليها، ما دامت سجلت باسم مستعار، متناسية أن التقنيات الحديثة سهلت الوصول إلى رقم بروتوكول الإنترنت وتحديد مكانه.
مواقع التواصل، وُجدت لتعزيز التواصل وتبادل الأفكار، والالتقاء افتراضياً بأشخاص وثقافات مختلفة، ولا يوجد سبب لحسبان تلك المواقع نافذة للسخرية والتهكم، وللأسف تحولت إلى وسيلة لارتكاب الانتهاكات في حق الآخرين، والتطاول عليهم.
البعض حريصون على المشاركة بأسماء مستعارة، وهذا الأمر يمنحهم مساحة كبيرة للتعبير بحرية، وآخرون يستغلون ذلك بطريقة خطأ، عبر التطاول، وإشاعة الفوضى والكراهية والعبث، وليتهم يقتدون بالشباب الذين جعلوا من حساباتهم الشخصية منابر إعلامية، يوثقون عبرها الأحداث المهمة، وينشرون رسائل إيجابية.
القانون واضح ويجرّم تلك الأفعال ويعاقب فاعليها، ورغم أن العقاب قاسٍ، فإن التجاوزات ما زالت مستمرة، وهذا يفرض علينا زيادة جرعة الوعي بمخاطر تلك السلوكات وأثرها في المجتمع، ودور التوعية يتشارك فيه الجميع، بدءاً بالأسرة التي عليها توعية أبنائها بآداب التخاطب، مروراً بالمدارس والجامعات، ثم وسائل الإعلام بالإضاءة على العقوبات التي طالت مسيئي استخدام هذه التقنية، وأن يد القانون ستطال كل مخالف.
لتكن وسائل التواصل جسراً حقيقياً للربط الإنساني والاجتماعي والأخلاقي، وتبادل المعرفة والفائدة والمتعة، فهذا ما سعى إليه مخترعوها ومنظموها ومستخدموها الأسوياء، لا منابر لرمي النفايات، فهذه مكانها معروف.

Eman.editor@hotmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى