غير مصنفة

«مزاعم» أسواق الرق الجديدة

فيصل عابدون

علامات استفهام عديدة يثيرها التقرير الذي بثته محطة «سي إن إن» الأمريكية عما أسمته أسواق للرقيق تدار بشكل علني في ليبيا. ولا شك في أن التقرير جاء في توقيت ملائم ليفجر هذه الموجة العارمة من الغضب والاستنكار من دون أن يحظى بنصيبه من الدراسة والاستقصاء حول صدقيته في طرح وتناول هذه القضية شديدة الحساسية والإثارة في آن معاً.
وعلامة الاستفهام الأولى في تقرير المحطة الأمريكية أن الفيديو الذي يفترض أن يعبر عن أسواق مفتوحة تجري فيها تجارة البشر بشكل علني لم يكن أكثر من تصوير ليلي قصير لمكان ضيق يظهر خلاله ثلاثة أو أربعة من الشبان الأفارقة أحدهم لم تغادر الابتسامة فمه بينما يغيب الشخص المفترض أنه سمسار العملية ويظهر صوته ولا يظهر المشترون أبداً.
كما أن الشاب الإفريقي الذي صرح للمحطة واسمه فيكتوري فقد تحدث عن حلمه المحطم بالوصول إلى أوروبا وعن المعاملة السيئة لعصابات تهريب المهاجرين. أما الشاب الآخر في مركز الاحتجاز فقد تحدث بانفعال وبشكل عمومي عن عملية بيع تعرض لها، بينما تحدث آخرون عن استغلالهم في مجالات عمل مختلفة مقابل أجور زهيدة!!!!. ليس هناك أسواق مفتوحة وعلنية للرقيق في هذا الفيديو وهو حجر الأساس الذي اعتمد عليه التقرير.
ومثل كل الظواهر الصادمة التي يجري إطلاقها عبر وسائل الإعلام في توقيت مفاجئ فقد حقق تقرير «سي إن إن» انتشارا مذهلاً، وتسابق السياسيون وقادة الرأي ورؤساء المنظمات الإنسانية في التعبير عن غضبهم الشديد لامتهان إنسانية الإنسان في ليبيا وخرجت مظاهرات احتجاج في أكثر من مكان للتعبير عن الاستنكار والتنديد والمطالبة بتحركات فورية.
وفي المقابل لم تطرح أي جهة سواء كانت إعلامية أو سياسية، آراء نقدية لمضمون ومحتوى تقرير المحطة النافذة وما إذا كان واقعاً تحت ضغط المنافسة الإعلامية الرهيبة بين أجهزة الإعلام الأمريكية لتحقيق التفوق والمحافظة على أو زيادة حصتها في سوق الإعلانات سريع التحول، أو أنه بحسب اتهامات الليبيين، يمهد لسياسة جديدة تهدف لتغيير التركيبة السكانية الليبية وتحويل هذا البلد إلى وطن بديل لملايين الشبان الأفارقة الطامحين في الوصول إلى أوروبا.
وبانتظار نتائج التحقيق الذي تجريه السلطات الليبية، فإن من الحقائق البديهية أن بلداً تعمه الفوضى وتنتشر به الجماعات المسلحة والفصائل المتناحرة سيكون موطناً لنقاط سوداء عديدة تعيش في هامش المجتمعات وتمارس أنواعاً مختلفة من الجرائم والانتهاكات تحت جنح الظلام. لكن هذه المجموعات سواء كانت في ليبيا أو في غيرها تظل بقعة سوداء خارجة عن القانون وهدفاً مستمراً لمطاردة حماته ولن تكتسب مشروعية أو تمارس عملها بشكل علني أبداً.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى