قضايا ودراسات

سوء معاملة الأطفال

هشام صافي

انسجاماً مع حرصها الشديد على حماية الأطفال ومنع تعرضهم للإيذاء والعنف، وتجريم أية ممارسات سلوكية سلبية بحق الطفل، وإيماناً من مبادئها الإنسانية السمحة التي لا تقبل الظلم والاعتداء والنيل من حقوق الآخرين، تستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة في شهر نوفمبر المقبل بدبي، المؤتمر العربي الإقليمي الخامس للوقاية من سوء معاملة الأطفال والإهمال، تحت رعاية كريمة من الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، الذي يقدم كل الدعم لمنع وقوع الأطفال تحت أي شكل من أشكال العنف ليس في الإمارات فقط، ولكن على المستوى العربي أيضاً، انطلاقاً من الحس القومي العالي، والفكر الإنساني السامي، وبحضور بعض المنظمات الدولية الفاعلة كاليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية، وغيرهما.
ويشكل المؤتمر فرصة مثالية للكثير من الدول العربية التي تفتقر لتشريعات قانونية مناسبة تحمي أطفالها، وتحصنهم ضد أي اعتداء يمكن أن يقع عليهم، لتستلهم من التجربة الإماراتية الكثير، وتستفيد من قانون حماية الطفل الذي يعتبر الأكثر شمولاً وتحصيناً للأطفال، ويجرم حتى محاولة الاعتداء اللفظية وجرح مشاعرهم والتأثير في أحاسيسهم المرهفة، معلياً من شأن الطفل، المخلوق الضعيف الذي لا حول له ولا قوة، والذي بحاجة لمن يأخذ بيده، ويحميه، حتى من أفراد أسرته، فيما لو كان ابتلي بأسرة ناقصة الوعي ولا تحسن التربية، وتمارس سلوكيات سلبية.
الطفل لن يحسن معرفة حقوقه والمبادئ القانونية التي تحصنه ضد أي اعتداء مهما كان سببه ومصدره وحجمه، فإمكانياته المعرفية محدودة، ولن يجيد الاستفادة من الحصن القانوني المانع الذي توفره الدولة لأبنائها، وعليه، يجب أن تنشط كل المؤسسات المعنية، حكومية وأهلية، في مجال توعية المجتمع بحقوق أطفاله، وضرورة عيشهم في بيئة سوية لا توفر لهم أياً من سبل انحراف السلوكيات، وتعزيزهم بالأخلاق والأفكار الإيجابية التي تعينهم على العيش النفسي المستقر والآمن، الذي لا يحمل لهم خوفاً من واقع معيش ولا مجهول ستحمله الأيام والسنوات المقبلة.
الأبوة والأمومة والأخوة كلها صلات من الدرجة الأولى للطفل، ومن الطبيعي أن تكون القلعة التي تحمي كل طفل من الرياح العاتية، والشمس المحرقة، وقوى الشر التي تعيش على إيذاء البشر بأفكارها الظلامية المدمرة، وتوفر له مقومات العيش الهانئ، يسعد بطفولته وبراءتها، ويمارس أنشطته المحببة إلى نفسه، لا يتعرض لأذى فكري أو بدني، ويرى في علاقات أفراد أسرته الراقية، نموذجاً طيباً يحاول ترجمته في حياته سلوكيات راقية وأخلاقاً إنسانية تعرف المودة والرحمة ومساعدة المحتاج والتسامح.
الأطفال أحباب الله ببراءتهم وبساطتهم، صفحة شديدة البياض، يجب أن يحرص الجميع على أن تبقى نظيفة، وتكتب فيها حروف الخير والعدل وحقوق الوطن والآخرين، والجهود المبذولة في هذا المقام لن تضيع سدى لأنها استثمار في أغلى ما يملك الناس، أطفالهم.

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى