قضايا ودراسات

علِّموهم

نور المحمود

بشارة جميلة مع بداية العام الدراسي، تحملنا إلى التفاؤل بأن الآتي سيكون أجمل.
وزارة التربية والتعليم أقرّت إدخال مادة الدراما في المنهج التعليمي لهذا العام، بمعدل حصة أسبوعياً. من يعرف أهمية تعليم الفن للأطفال والمراهقين، يدرك مدى سعادتنا بهذا القرار الذي سيترك أثراً واضحاً في تنمية وتوسيع مدارك الطلبة، وسينعكس شيئاً فشيئاً على المجتمع بأكمله.
تعليم الدراما في المدارس مطلب طالما رأيناه ملحّاً وضرورياً، خصوصاً في ظل انتشار الفكر المتطرف في العالم، وسعيه إلى «اختطاف» الأبناء من أحضان أهاليهم ومن أحضان الحياة والانفتاح، ليكبلهم في قيود العنصرية والتحجر الفكري والعنف.
حصة أسبوعية في المدارس بداية جيدة، كفيلة بتفجير مواهب الطلاب، تحثهم على اكتشاف أنفسهم وإخراج طاقاتهم سواء في الكتابة أو التمثيل أو التعبير أو الغناء والشعر والإلقاء والخطابة والوقوف على الخشبة والمواجهة.. كثيرة هي الأبواب التي يفتحها الفن أمام الأطفال. ينمي الخيال والوعي ويحرض العقل على البحث عن الجمال بمختلف أشكاله وزواياه.
جميل أن يتنافس الطلاب في المدارس على تقديم عمل جماعي، يضعون فيه رؤية ومجهوداً. يتألقون ويتعاونون ويجدون من يؤمن بقدراتهم ويصفق لهم عالياً.
مهم جداً أن تتناول حصص الدراما في المدارس الرباط الوثيق بين الفن والرقي والأخلاق. وأن تكون انطلاقة نحو تأسيس مدارس فنية وتوسيع دائرة العمل الفني في الإمارات.
علّموهم الرقي في الفن، ومعنى الانضباط والالتزام واحترام عقل ووعي الجمهور. علّموهم الكتابة الدرامية والإبداع الذي يعرف كيف يمسك العصا من منتصفها فيعدل بين التحليق بالخيال وبين الحفاظ على القيم والأخلاق والمبادئ.
علّموهم أن الكوميديا بريئة من التفاهة والسذاجة، والنكتة لا تعني البذاءة، وفي القصص الاجتماعية الدرامية ليست جرعات زائدة من الحزن والبكاء والكآبة، وأن الجرأة لا تعني أبداً الوقاحة.
متفائلون نحن بعودة الفن والتمثيل والدراما والمسرح إلى المدرسة، ليلتقي الطلاب مجدداً. ونتمنى أن يتم إدراج مشاهدة بعض الأفلام في إطار التربية الفنية، ومناقشتها مع الطلبة ليعرفوا كيف يميزون بين ما هو صالح وما هو مسيء ولماذا لا تصلح كل الأعمال للمشاهدة ووفق الأعمار المحددة، وكيف يتحكمون بمشاعرهم وأفكارهم فيصدون التأثير السلبي للأعمال الرديئة أو التي تنشر العنف، ويكتسبون الجيد من غربال المشاهدة سواء التلفزيونية أو السينمائية. نتمنى أيضاً أن تفتح أبواب الأوبرا للمدارس في عروض خاصة، وأن تتم مناقشتها لاحقاً داخل حصة الفنون.

noorlmahmoud17@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى