مقالات عامة

التقنيات الذكية والمدن

كونكانا خاوند*

يعتبر النمو الحضري الذي نتج عنه احتضان المدن لأكثر من 50% من سكان العالم، واحداً من أهم عوامل التحول من المدن التقليدية إلى المدن الذكية، فقد أظهرت بيانات الأمم المتحدة أنه وبحلول العام 2025، فإن سيتوجب على المدن العالمية توفير الخدمات والمرافق الأساسية لنحو ملياري شخص، فيما تظهر تلك البيانات أيضا أن 85% من سكان أمريكا الشمالية يعيشون في المناطق الحضرية، وهو التحول الكبير نحو التحضر الذي يؤدي في النهاية إلى جعل المدن العالمية محاور أساسية في النمو الاقتصادي.
إن النمو الاقتصادي الذي تلعب فيه الكثير من العوامل دوراً فاعلاً، يلقي الضوء على الأهمية المتنامية للمدن، ففي الولايات المتحدة مثلاً، فإن الناتج المحلي الإجمالي لنيويورك يعتبر أكبر من ناتج كوريا الجنوبية، وهو ما يضع المدينة في المرتبة الخامسة عشر عالمياً من حيث الناتج المحلي الإجمالي للدول، على الرغم من أنها تعتبر منطقة حضرية صغيرة مقارنة بمناطق أخرى في العالم، مثل نيودلهي، أو طوكيو ،من حيث الحجم والديموجرافيا والنشاط الاقتصادي.
ولا تمثل المدن الذكية التكنولوجيا التي تتضمنها فحسب، ولا تعتبر المدن في حدا ذاتها ذكية، بل إن هنالك العديد من العوامل التي تجعل منها مدينة ذكية، مثل تكامل الأنظمة الخاصة بإدارة المدن وتوافقها بأكبر قدر ممكن مع المدن المجاورة التي تتكامل معها، وهي العوامل التي غالباً ما تأتي ضمن إطار عوامل ديموجرافية تظهر بوضوح الأهمية الكبرى للمدن ونموها الاقتصادي. ولكن وبجانب الكثير من الفوائد، فإن لهذا التحول آثاراً سلبية يجب على المدن مواجهتها.
ومن أبرز التحديات التي تواجه المدن في طريق تحولها إلى الذكاء الشامل، الازدحامات والمشاكل البيئية والنفايات ومعدلات الجريمة، وبالتالي فإن التحول إلى مدينة ذكية يستلزم الاستفادة من كل التكنولوجيا المتوفرة التي تساعد في إدارة المدن بطريقة ذكية، ما يساعد على معالجة جزء كبير من تلك التحديات، أما الذكاء في حد ذاته فإنه يعني استخدام الأصول الموجودة والمتوفرة حالياً بطريقة أكثر فاعلية، ودمجها مع الأفكار الخلاقة والابتكار لتوفير بيئة يسهل التحكم فيها وإدارتها من خلال التكنولوجيا والقوى البشرية التي يتم توجيهها إلى المسار الصحيح. ويمكن للمدن أيضاً مواجهة تلك التحديات من خلال التركيز على تطوير البنى التحتية والمواصلات والمباني والطاقة المستهلكة والاتصال الذكي والتنقل الذكي، وتبني تقنية إنترنت الأشياء على نطاق أوسع والاستفادة من الكم الهائل من البيانات وأتمتة معظم الخدمات التي يتم استهلاكها بصورة دورية.

*سمارت سيتيز

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى