قضايا ودراسات

العقوبات الأمريكية على إيران تواجه مأزقاً

ديريك ديفيسون*

في 12 ديسمبر/كانون الأول، مر موعد مهم في الولايات المتحدة من دون ضجة تذكر، هو مهلة الـ60 يوماً التي كان بإمكان الكونجرس خلالها إعادة فرض عقوبات على إيران مرتبطة بالمسألة النووية.
تلك المهلة (السنوية) بدأت في 13 أكتوبر/‏تشرين الأول عندما امتنع الرئيس دونالد ترامب – كما يفرض ذلك «قانون مراجعة الاتفاق النووي مع إيران» (الذي تبناه الكونجرس في 2015) – أن يصدر توجيهاً يؤكد أن الاتفاق النووي مع إيران (واسمه الرسمي «خطة العمل الشاملة المشتركة») يخدم مصلحة الأمن القومي لأمريكا.
وبرفضه ذاك، كان ترامب قد أوضح أنه يريد من الكونجرس أن يعدل بنود الاتفاق النووي، أو على الأقل أن يتخذ إجراء من أجل الضغط على إيران والدول الأخرى الأطراف في الاتفاق (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين) لإدخال تعديلات على بنوده. وقال في حينه: «لهذا السبب وجّهت إدارتي بأن تعمل بشكل وثيق مع الكونجرس وحلفائنا من أجل معالجة العيوب الخطيرة العديدة في الاتفاق، بحيث لا يكون النظام الإيراني قادراً أبداً على أن يهدد العالم بأسلحة نووية. وهذه العيوب تشمل البنود التي تحدد فترة زمنية محددة (للاتفاق) والتي سترفع في غضون سنين قلائل قيوداً أساسية على برنامج إيران النووي».
وترى إدارة ترامب أن العيوب في الاتفاق النووي تشمل أيضاً إجراءات تطبيقية غير كافية، إضافة إلى أن الاتفاق تجاهل كلياً تقريباً برامج إيران الصاروخية.
وسبق أن بدأ الكونجرس بالفعل العمل من أجل معالجة هذه المشكلات. وفي الوقت الراهن، يعكف زعماء الحزبين في مجلسي النواب والشيوخ على وضع مسودة مشروع قانون سيعدل القانون الأمريكي «قانون مراجعة الاتفاق النووي مع إيران» من أجل تشديد الإجراءات التطبيقية، بحيث تمنع إيران من تطوير صاروخ باليستي عابر للقارات، ومن أجل جعل القيود على الأنشطة النووية لإيران دائمة بموجب قانون أمريكي.
وامتناع ترامب عن إصدار توجيه بشأن الاتفاق النووي، كما يقتضي قانون مراجعة الاتفاق النووي مع إيران، أوجد فترة الـ 60 يوماً المشار إليها آنفاً، والتي كان الكونجرس خلالها مخولاً إعادة فرض جميع العقوبات الأمريكية على إيران التي تم تعليقها بموجب اتفاق «خطة العمل المشتركة الشاملة». ولو أعاد الكونجرس فرض العقوبات الأمريكية، لكان ذلك يعني عملياً أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاق، وبالتالي انهيار الاتفاق كلياً.
جدير بالذكر أن الكونجرس الأمريكي اختار ألا يتخذ هذا الإجراء نتيجة للضغوط المكثفة التي مارستها الدول الأوروبية، المؤيدة للاتفاق، لكي تمتنع الولايات المتحدة عن الانسحاب من الاتفاق.
وتبعاً لكل ذلك، يبدو أن مشروع القانون المطروح في الكونجرس (بشأن مراجعة وتعديل الاتفاق النووي) قد أصبح مجمداً الآن. غير أن عضوي مجلس الشيوخ الجمهوريين بوب كوركر وتوم كوتون طرحا مسودة مشروع قانون يهيّىء الظروف من أجل إعادة فرض العقوبات الأمريكية على إيران إذا اعتبر الكونجرس أن إيران يمكن أن تصبح قادرة على صنع سلاح نووي في غضون 12 شهراً.
غير أن مسودة مشروع القانون هذا قوبلت بمعارضة شبه شاملة من قبل الديمقراطيين في الكونجرس ومن قبل الأوروبيين، الذين رأوا أن مثل هذا الإجراء سيشكل تعديلاً من طرف واحد للاتفاق النووي- وهو اتفاق دولي.
وبالرغم من تصريحات ترامب المتشددة، إلا أن مراقبين يقولون إن البيت الأبيض لم يعمل بشكل جدي مع الكونجرس من أجل طرح مشروع قانون جديد.
والمؤيدون لاستمرار التقيد بالاتفاق النووي يتساءلون الآن عما يمكن أن تكون الخطوة التالية من جانب إدارة ترامب والكونجرس. وفي كلمة ألقاها ترامب في 13 أكتوبر/‏تشرين الأول، بدا أنه يهدد باتخاذ عمل منفرد لإلغاء الاتفاق النووي إذا أخفق الكونجرس في تبني قانون لتعديل بنوده.
ومن الممكن أن ترامب كان يأمل بأن يدخل الكونجرس على الاتفاق النووي تعديلات شكلية على الأقل، ما كان سيمكنه من القول إنه حقق انتصاراً. ولكن نتيجة لتعثر مشروع القانون في الكونجرس، فإن مسألة مصير الاتفاق النووي أصبحت رهناً بما يقرره ترامب. يضاف إلى ذلك أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تواصل تأكيداتها بأن إيران ملتزمة ببنود الاتفاق النووي، ما يضع كلاً من إدارة ترامب والكونجرس في موقف حساس.

*باحث أمريكي يكتب حول الشؤون الدولية والسياسات الأمريكية موقع «لوب لوغ»


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى