قضايا ودراسات

«الناتو» وروسيا.. عروض الأدلة على التفوق

جوناس درينجليس*

يواصل حلف الناتو، وروسيا، تعزيز حدودهما، ونشر المزيد من القوات والمعدات العسكرية. والمناورات العسكرية واسعة النطاق التي تُجرى بالتناوب، من قِبل روسيا، ثم حلف الناتو، هي عرض للأدلة على التفوق.
وينبغي القول إن ذلك يجري على خلفية اتهامات متبادلة متزايدة في السنوات الأخيرة.
في العام الماضي، اتهم حلف الناتو روسيا بتضليل التحالف حول نطاق تدريباتها المعروفة باسم «زاباد»، في انتهاك للقواعد التي تهدف إلى الحدّ من التوترات بين الشرق والغرب. والناتو بدوره (والولايات المتحدة بوجه خاص)، ينتهك أيضاً بشكل رسمي، وثيقة فيينا لعام 2011، حول إجراءات بناء الثقة- وإجراءات بناء الأمن، التي تفرض قيوداً على النشاطات العسكرية في أوروبا. وعلاوة على ذلك، يمضي الحلف منذ عام 2014، في زيادة عدد القوات في منطقة بحر البلطيق، ويُجري تدريبات واسعة النطاق.
ومن المعروف أن حلف الناتو، سوف يُجري هذا العام تدريبات «اناكوندا 2018» في بولندا، وأنه يُتوقَّع أن يشارك فيها أكثر من 100 ألف جندي. وسوف تشارك الدول الأعضاء في حلف الناتو، والدول الشريكة للحلف في التدريبات الحربية إلى جانب بولندا. وسوف تنشر بولندا نحو 20 ألف جندي من أجل هذه التدريبات. وإضافة إلى ذلك، سيكون هنالك 5 آلاف عربة مدرعة، ودبابة، وقطعة مدفعية ثقيلة، و150 طائرة مقاتلة، و45 سفينة حربية تشارك في التدريبات.
وبموجب قواعد منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، الواردة في وثيقة فيينا، يجب على الدول التي تُجري تدريبات تشمل أكثر من 13 ألف جندي، أن تُبلِغ الدول الأخرى مسبقاً، وأن تكون مفتوحة للمراقبين.
وتجدُر الإشارة إلى أن مناورة «اناكوندا- 2016» العسكرية شملت 31 ألف جندي، وألوف المركبات من 24 دولة.
وفي هذا العام، تنتهك بولندا بوضوح متطلبات الفقرة التي تقول ب(الإبلاغ المسبق بنشاطات عسكرية معينة) من وثيقة فيينا 11، الصادرة عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، من حيث عدد الجنود والمعدات العسكرية المعنيّة.
وعلاوة على ذلك، تحاول بولندا بكل طريقة ممكنة تضليل الجمهور بشأن تاريخ التمرين. بل إن الناتو في البداية لم يعلن حتى عن إجراء التدريبات العسكرية الضخمة «اناكوندا 2018». ثم ذكرت وسائل الإعلام البولندية أن المناورات سوف تبدأ في صيف عام 2018.
وكانت هنالك تكهنات بأن حلف الناتو يمكن أن يستخدم التدريبات القادمة غطاءً للنشر الدائم للقوات والمعدات في بولندا، أو حتى في هجوم على «الشرق».
وقد جرت مناقشة احتمال حدوث صراع عَرَضي بين أوروبا وروسيا في «مؤتمر الأمن في ميونيخ». ويغدو تقرير مركز الأبحاث الأمريكي مهمّاً على هذه الخلفية. فالتقرير الذي يحمل عنوان «تقييم اختلال توازن القوى التقليدية في أوروبا»، يُحذّر من أن روسيا تستطيع أن تسيطر على دول البلطيق، وتحقق هدفها بسهولة، في حال حدوث صراع في تلك المنطقة.
وهذا هو السبب في أن إجراء المناورات الأوسع نطاقاً لحلف الناتو في منطقة بحر البلطيق، ليس إلاّ غطاء لنقل الكمية الضخمة من المعدات العسكرية والأسلحة إلى حدود روسيا.
ووفقاً لوسائل الإعلام البولندية، فإن «اناكوندا 2018»، هي أكبر مناورة دورية (كل سنتين منذ عام 2006)، مشتركة تنظمها بولندا بمشاركة دولية من الحلفاء. وسوف تشمل مناورة «اناكوندا 2018» هذا العام، قوات ومعدات من 10 دول في حلف الناتو، وموظفين دوليين من هيكل قيادته، وهيكل قواته.
وسوف تجري من 7 نوفمبر/‏ تشرين الثاني حتى 6 ديسمبر/‏ كانون الأول 2018، وسيتم تنظيمها في مناطق التدريب العسكري في بولندا، وكذلك في المجال الجوي الدولي، وبحر البلطيق. كما سيُجرى تدريب «اناكوندا 2018، هذا العام في استونيا، ولاتفيا وليتوانيا.
وسيكون تدريب «اناكوندا 2018»، الحدث التدريبي الرئيسي للقوات المسلحة البولندية، الذي يحظى بالأولوية القصوى، ويتمحور حول المجال الجوي، ولكنه موجه جغرافياً بشأن تخطيط وإجراء العمليات الجوية- البرية المشتركة، على طول الجناح الشرقي لحلف الناتو.
ومن المؤسف، أن الممارسة المتبادلة، المتمثلة في إخفاء أو تحريف نطاق التدريبات العسكرية على مدى السنوات العشر الماضية، قد حطّمت متطلبات وثيقة فيينا. ومن المستحيل التسليم بعد الآن بأن المعلومات التي تقدمها وارسو، وحلف الناتو بموجب أحكام عملية تدابير بناء الثقة الأوروبية، دقيقة، أو صادقة.
وقد حان الوقت للاعتراف بأن وثيقة فيينا التي تسمح للأطراف الموقعة عليها، بالتصرف من دون مساءلة، عفّى عليها الزمن.

*محرر موقع بلطيق وورد، الإخباري
موقع: أُوب إيد نيوز

زر الذهاب إلى الأعلى