قضايا ودراسات

سلطة الحرب بين البيت الأبيض والكونجرس

أندري أكولوف*

ينص الدستور الأمريكي على أن الكونجرس، هو وحده المخول بإعلان حرب لمدة طويلة، ولكن هناك أسلوب التفاف على هذا النص.
في أعقاب اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001، تبنّى الكونجرس قانون تفويض استخدام القوة العسكرية، ما منح رئيس الولايات المتحدة سلطة ملاحقة وتدمير تنظيم «القاعدة» وحركة طالبان. ونص القانون على أن «الرئيس مفوّض باستخدام كل القوة اللازمة والمناسبة ضد تلك الدول والمنظمات، وأولئك الأشخاص الذين يقرر إنهم خططوا، وأعطوا أوامر، ونفّذوا، ودعموا الاعتداءات الإرهابية التي حدثت في 11 سبتمبر/أيلول 2001، أو الذين وفّروا ملاذاً لمثل هذه المنظمات أو أولئك الأشخاص، بهدف منع مثل هذه الدول أو المنظمات أو الأشخاص، من القيام بأعمال إرهاب دولي ضد الولايات المتحدة في المستقبل».
واليوم يتساءل السيناتور كريس مورفي، وعدة ديمقراطيين آخرين، عما إذا كان يجب تبنّي قانون جديد بشأن تفويض استخدام القوة العسكرية. وهم يعتزمون اقتراح مشروع قانون، يحظر على الرئيس بدء حرب استباقية ضد كوريا الشمالية، من دون تفويض صريح من الكونجرس، إلا في حالة وجود تهديد وشيك. وهم يقولون إنه يجب أن تكون للكونجرس كلمة في مسألة الحرب.
والهجوم الدموي الذي أوقع أربعة قتلى بين جنود أمريكيين كانوا يقاتلون في النيجر، أثار نقاشاً في الكونجرس حول ضرورة تحديث الأطر القانونية للعمليات القتالية في الخارج؛ إذ إن الكشف عن أن الولايات المتحدة تخوض حرباً في النيجر، حتى من دون علم الكونجرس، كان مذهلاً.
وشكّل ذلك توضيحاً تاماً لواقع أن الولايات المتحدة هي في حالة حرب دائمة عبر العالم، حيث تحدث معارك من دون تفويض من الكونجرس. وقد فشلت جميع المحاولات السابقة لإلغاء تفويض 2001، وترك الكونجرس يتبنّى تفويضاً جديداً. وعملياً، كان الكونجرس قد تخلى منذ سنين، عن مسؤوليته لمناقشة وإجراء تصويت على حروب الولايات المتحدة.
جدير بالذكر أن قانون تفويض استخدام القوة العسكرية الصادر عام 2001، أجاز القيام بعمليات عسكرية فقط ضد «القاعدة» وطالبان، والمشاركين الآخرين في اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001. ولكن وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، عارضا في شهادتيهما أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ في 30 أكتوبر/تشرين الأول، تعديل صيغة القانون الساري مفعوله الآن، كما أبلغا المشرعين بأن القوانين الحالية التي تحكم العمليات القتالية كافية من الناحية القانونية.
واعتبر الوزيران أن السلطة التنفيذية مخوّلة بشن هجمات في ظروف معينة، حين يكون مواطنون أمريكيون ومصالح أمن قومي أمريكية، معرضة لتهديد وشيك. كما اعتبر الوزيران أن قانون تفويض استخدام القوة العسكرية، يجب عدم إلغائه إلى أن يتبنّى الكونجرس قانوناً بديلاً، ولكنهما في الوقت ذاته حذرا الكونجرس من فرض قيود على استخدام قوات عسكرية أمريكية في الخارج؛ لأن من شأن ذلك أن «يمكّن العدو من الإمساك بزمام المبادرة».
غير أن أعضاء الكونجرس الذين يؤيدون إصدار قانون جديد، بشأن تفويض استخدام القوة العسكرية، يقولون إن قانون تفويض 2001، أتاح لرؤساء الولايات المتحدة شن الحرب أينما يختارون، من دون الرجوع إلى الكونجرس، ولا حتى إلى الرأي العام. ويقول هؤلاء الأعضاء إن القانون الحالي (قانون تفويض 2001)، يستخدم كذريعة لاستخدام القوة في الخارج، ضد قوى لا علاقة لها بمرتكبي اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
ويعتقد السيناتور راند بول، أن الكونجرس قد تخلى عن سلطته الخاصة بإعلان الحرب، وتركها بأيدي السلطة التنفيذية. وفي سبتمبر/أيلول، حاول بول، إلغاء قانون التفويض الساري مفعوله حالياً، قائلاً: إنه يجيز للرئيس «الشروع في حرب في أي مكان، وأي زمان، وأي منطقة في العالم».
وفي الواقع يستخدم قانون تفويض 2001 حالياً، من أجل تبرير العمليات العسكرية الجارية في العديد من بلدان العالم، علماً بأن هذه العمليات ليس لها هدف محدد، ولا استراتيجية انسحاب. وهكذا تقوم قوات عسكرية أمريكية بعمليات حربية في أفغانستان، والعراق، وسوريا، وليبيا، والصومال، واليمن، وحتى النيجر. وهناك عمليات قتالية عديدة أخرى، تجري تحت غطاء «مهمات تدريب وتعاون»، كما أن قوات خاصة أمريكية تعمل الآن في 137 بلداً، في حين أن ضربات الطائرات بلا طيار تتكثف في بلدان عديدة. وكل ذلك لأن قانون تفويض 2001، يجيز لأي رئيس أمريكي أن يبدأ حروباً من دون أي قيود؛ بل إن الرئيس لديه حرية شن حرب بناء على نزوة.

*محلل في مسائل الأمن الدولي مقره في موسكو – موقع: استراتيجيك كلتشر

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى