قضايا ودراسات

ضرورة التصدي للتوسع الإيراني

جيمس فيليبس*

ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها العرب والغربيين، التعاون على نحو وثيق لإفشال خطط إيران الرامية إلى تشديد قبضتها على شرقي سوريا.
تواجه جهود إيران المنتظمة لتوسيع نفوذها من خلال الحروب بالوكالة، مقاومة متزايدة باطراد من قبل المملكة العربية السعودية التي تدعمها الإمارات العربية المتحدة، ومصر والبحرين والأردن، والولايات المتحدة.
وقد صُدم لبنان في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني بالاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء سعد الحريري، الذي ألقى باللوم على إيران ووكلائها في «حزب الله»، في تهديد سيادة لبنان واستقراره.
وعلى الرغم من أن الحريري تراجع عن استقالته، فإن هذا الحدث يرسل رسالة واضحة مضمونها أن استقرار لبنان السياسي والاقتصادي والجيوسياسي، قد تعرّض للخطر من خلال تدخلات «حزب الله» في سوريا، واليمن والعراق، حيث يقوم بعمل إيران القذر.
وقد أثار «حزب الله» قلق كثير من اللبنانيين، إلى جانب بلدان أخرى، لسجلّه في خدمة الإيرانيين، بدلاً من خدمة المصالح اللبنانية الخالصة.
واستغلت إيران عدم الاستقرار الإقليمي، والتوترات المستمرة مع «إسرائيل»، والثروة الاقتصادية الضخمة التي جنتها من وراء اتفاقها النووي، لتعزيز سلطتها ودفع أجندتها في الشرق الأوسط قُدماً. وقد أفادت من إطاحة الولايات المتحدة بنظام صدام حسين، ومن تداعيات احتجاجات ما سُمّي بالربيع العربي، وسقوط تنظيم «داعش»، والاتفاق النووي الإيراني، والحروب في لبنان والعراق وسوريا واليمن وأفغانستان، لتوسيع نفوذها.
ومن أجل إيجاد حلفاء إقليميين، وظفت إيران الطائفية واستغلتها لتعبئة الشيعة المحليين. وكلّفت قوات الحرس الثوري الإسلامي، ولا سيّما فيلق القدس، بحماية وتصدير الثورة الإسلامية الإيرانية، وكانت أكثر نجاحاً حين اصطادت في الماء العكر بتجنيد المتطوعين العقائديين في البلدان المبتلاة بالصراع.
وقد مكّن هذا الاستخدام وكلاء طهران من التقليل من خطر ردّ الفعل العكسي أو الانتقام بسبب أنشطتها الخبيثة. وقللت إيران من خطر تكبّد خسائر إيرانية، بالقتال حتى آخر عربي في الصراعات المختلفة.
استخدمت إيران «حزب الله» في بادئ الأمر، كقوة بديلة ضدّ «إسرائيل»، مما عزز شرعيته المتخيّلة في نظر العديد من اللبنانيين، ولكن «حزب الله» تطوَّر إلى قوة تعمل في الخارج، وتشكل رأس حربة لتدخلات إيران المتصاعدة في العراق وسوريا واليمن.
وتطبق طهران نموذج «حزب الله» لتطوير ميليشيات مذهبية متطرفة في تلك البلدان التي مزقتها الحرب. ومما يزيد الطين بلة، أنها تجنّد شيعة من بلدان بعيدة، مثل أفغانستان وباكستان، لتشكيل فصيل أجنبي لفرض إرادتها في سوريا.
وإضافة إلى تحويل لبنان وغزة إلى قواعد للإرهاب، قامت إيران بتحويل اليمن إلى قاعدة للهجمات الإرهابية ضد السعودية. وقد ساعد الدعم الإيراني المتنامي لجماعة الحوثيين المتطرفة الإسلامية، طهران في الالتفاف على السعودية، وغيرها من دول مجلس التعاون الخليجي، على الأقل، إلى أن انهار تحالف المتمردين في اليمن.
ويشكل نقل إيران للقذائف والصواريخ الموجهة المتطورة باطراد إلى الحوثيين، تهديداً متصاعداً للسعودية، إضافة إلى تهديد حرية انسياب الشحن عبر مضيق باب المندب.
وعلى الرغم من أن إدارة أوباما قلّلت من شأن التهديد الإيراني لتحقيق اتفاقها النووي المعيب مع طهران، فإن إدارة ترامب اتخذت خطاً أكثر تشدداً إزاء إيران. وبعد التركيز في البداية على تدمير «داعش»، تقوم واشنطن بتكثيف جهودها لاحتواء توسّع إيران وصَدِّه.
وقد أوضح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الخطوط العريضة لاستراتيجية حساسة لاحتواء إيران، ولكن يجب تطبيقها سريعاً، قبل أن تعزز إيران سيطرتها في سوريا، وتنشئ حقائق على الأرض. ويجب على البيت الأبيض أن يوضح أنه لن يسمح لإيران باستغلال الانهيار العسكري ل«داعش» في توسيع نفوذها.
وستكون نتيجة الصراع للسيطرة على محافظة دير الزور شرقي سوريا، عاملاً أساسياً حاسماً في تحديد توازن القوى داخل سوريا والمنطقة. فدير الزور لا تحتوي فقط على كثير من احتياطيات سوريا من النفط والغاز، بل يمكن أن تصبح جزءاً مهماً من حملة طهران لتعزيز السيطرة على جسر بري يربط إيران بشرقي المتوسط. ويخضع ما يقرب من 80% من الميليشيات الموالية للأسد، والمنتشرة في شرقي سوريا، لسيطرة إيران.
ينبغي على الولايات المتحدة وحلفائها العرب والغربيين، التعاون على نحو وثيق لإفشال خطط إيران لتشديد قبضتها على شرقي سوريا. وينبغي أن يكون جزءاً من هذا الجهد، إقامة علاقات قوية مع العرب في شرقي سوريا، ومنعهم من العودة للانضواء في ظل «داعش»، ومنع الجهود التي تقودها إيران لاستعادة قمع نظام الأسد في شرقي سوريا.
وعلى الرغم من أن التدخلات الروسية والإيرانية قد مكنت الرئيس السوري بشار الأسد من استعادة التفوق العسكري، على مقاومة المتمردين المبعثرة، فإنه ما يزال شخصية ضعيفة سياسياً ومكروهة. ويعتمد نظامه كلياً على الجيش والدعم العسكري والاقتصادي من موسكو وإيران.
ومع الزمن، يُرجّح أن تندم إيران على إنفاق مليارات الدولارات على المساعدات المطلوبة لدعم نظام الأسد. وبوُسع الولايات المتحدة وحلفائها العرب، المساعدة في جعل هذا العبء الاقتصادي أشدّ إيلاماً بتصعيد العقوبات على إيران، بسبب تدخلاتها المتعددة، وإيضاح أنهم سيرفضون المساعدة في إعادة بناء المناطق التي يسيطر عليها النظام في سوريا، إلى أن يتنحى الأسد عن السلطة.

*كبير زملاء الأبحاث في شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة التراث بواشنطن
موقع: صحيفة ذي أراب ويكلي


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى