مقالات عامة

نضج سوق الهواتف الذكية

جوانا فيليب*

لا شك في أن سوق الهواتف الذكية يعتبر بين الأسواق الأكثر ديناميكية اليوم، ومن الصعب جداً تخيل أن يأتي يوم تصبح فيه هذه الهواتف غير ذات أهمية بالنسبة لكثير من الناس، تماماً كما هو الحال مع أجهزة الكمبيوتر. لا أعني بهذا القول أي شي، بل على العكس تماماً، فإن سوق الهواتف الذكية سيظل كبيراً جداً لفترة من الوقت وسيواصل أهميته الكبيرة للكثير من الناس، بيد أن الحقيقة هي أن أسواق الهواتف الذكية تتجه تدريجياً إلى مرحلة النضج، وربما نهاية نمو هذا السوق.
وبجانب تلك التحديات التي تواجه السوق، فإن من المرجح أيضاً أن يتحول الانتباه من الهواتف الذكية والتركيز على أسواق أخرى ذات منتجات أكثر ابتكارية وحداثة في الصحافة وفي عقول الناس، والأهم من ذلك كله في التقنيات ذات التأثير الأكبر والتحديثات المستمرة فيها.
وتبدو إشارات ذلك التغيير في كل مكان حولنا، ويمكن القول أيضاً إن التغيير قد بدأ بالفعل. وفي حين تظهر بيانات إجمالي شحنات الهواتف الذكية في العام 2016، ارتفاعاً متوسطاً، فإن الصين سجلت تراجعاً بنسبة 4% في شحنات الهواتف الذكية خلال الربع الأخير من العام الماضي، وهو ما يشير عموماً إلى الاتجاه الذي يسير إليه سوق الهواتف الذكية حول العالم، والتي تظهر أن جميع القطاعات التي تنمو بسرعة كبيرة، تصل في النهاية إلى مرحلة نضج يتوقف معها النمو تماماً، أو بمعنى آخر، فإن كل من يرغب أو رغب سابقاً في امتلاك هاتف ذكي لا شك في أنه يملكه الآن، وسوف يعتمد النمو المستقبلي لسوق هذا القطاع بالكامل على دورة استبدال تلك الهواتف، بالنظر إلى أن الشركات المنتجة قامت بإطالة العمر الافتراضي لهواتفها.
بالنظر إلى كل ذلك؛ فإن التعقيدات والآثار السلبية التي ستصيب قطاع الهواتف الذكية ستكون دراماتيكية؛ حيث إن تجار التجزئة الذين كانوا يستفيدون من نمو القطاع سيواجهون المزيد من الصعوبات والتحديات. أما بالنسبة للشركات المنتجة مثل آبل، فإنها ستكون الخاسر الأكبر، وربما ينتهي بها الحال لتصبح مثل شركات إنتاج الحواسيب التي وصلت إلى مرحلة اكتمال نضجها، ولن يكون لإصدار منتجات جديدة، خصوصاً الهواتف الذكية أي أثر كما هو الحال عند إطلاق منتج جديد هذه الأيام. إضافة إلى أن جميع القطاعات المرتبطة بهذا السوق سوف تتأثر بشكل كبير نتيجة للتراجع المخيف في الطلب، من الصناعات الثانية وحتى سلاسل التوريد المتمثلة في الخدمات اللوجستية وغيرها.

*تك سبوت

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى