أزمة منتصف العمر!!
سالم بن مشاري آل الحارث
وما أدراك ماهي أزمة منتصف العمر؟؟ هي حالة تمر بالإنسان في مرحلة معينة من عمره لا يقدر على وصفها ولا استيعابها، حيث يبدأ بطرح الكثير من الأسئلة على نفسه وغالباً ما يقوم بلوم نفسه ويشعر بندم على أمور فعلها أو لم يفعلها بعد، نعم في هذه المرحلة يختلط شعور السعادة والحزن في نفس الوقت، يريد أن يفعل أشياء وأنشطة كثيره، لعلمه بأن الزمن يمضي والوقت يمر بسرعة، ماذا لو قلت لك بأن هذه الأزمة قد تكون مؤقتة؟ ماذا لو استمرت هذه الأزمة الى ما تبقى من عمرك؟
علمياً وبحسب الأبحاث تبدأ هذه الأزمة عند الرجل بعد انتصاف الثلاثين إلى الأربعين بينما المرأة بعد تجاوز الأربعين، وأغلب ما قد يعانيه الشخص في تلك الأزمة هو الروتين!! نعم الروتين الممل، لا يجد شيء يبهره أو حتى يجعله يستغرب من أمر ما. غالباً تجده يعيش في تقييم مستمر لذاته ويحاسب نفسه ويلومها كثيراً. لا أخفيك عزيزي القارئ انها فعلاً أزمة قد تؤدي بصاحبها الى العزلة والاكتئاب أيضاً.
أخبرني صديق بأنه كثيراً ما كان يهتم بهندامه وملبسه ويذهب للحلاق كل يومين وكان كثيراً ما يواجه مشاكل مع الحلاق ودائماً ما يغير الحلاق ويعطي تعليماته له لدرجة أنه احياناً تصل الى المشادة معه وتوبيخه في أغلب الأحيان. صديقي الآن أصبح غير مكترث لا بخبرة الحلاق ولا حتى بالنتيجة النهائية التي يصل لها بعد الحلاقة حتى ولو كان هناك فعلاً خطأ من قبل الحلاق، قال لي بالحرف أصبحت أذهب للحلاق وأسلمه رأسي وأغمض عيناي وادعه يفعل ما يشاء برأسي مثل الشاة المستسلمة لمصيرها النهائي، فعدت لا أكترث بالنتيجة، بنهاية حديثه احسست أنه يريد أن يوصل لي رسالة مفادها أنه متقبلاً لذاته بأي شكل كان.. طبعاً هذا الصديق لأكون أكثر وضوحاً قد تجاوز الأربعين من العمر.
تُعرِف الدكتورة شارما أزمة منتصف العمر بأنها “انتقال في الهوية الذاتية والإنجاز والثقة بالنفس لدى الأفراد في منتصف العمر”. وهناك استبطان شديد للذات على المستوى النفسي؛ في الرجال يرتبط في الغالب بالمسائل المتعلقة بالعمل. إلا ان المرأة وفق الدكتورة شارما تمر بأزمة منتصف العمر بسبب التقييمات الشخصية لأدوارها وعلاقاتها. وقد يمر الرجال والنساء بأزمة منتصف العمر لأسباب مختلفة، لكن المشاعر المرتبطة بها والشدة هي نفسها.
لا شك أن بلوغ الأربعين ليست بأزمة حقيقية فهي لا تتفق مع قوله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز “حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنه” ففي هذه الآية الكريمة وصولك للأربعين تعني أنك بلغت مرحلة القوة والنضوج، ففي الأربعين يفكر الإنسان أنه في مفترق طرق ويحاول دائماً أن يقنع نفسه بأن العمر مجرد رقم، لكن من يمر بأزمة منتصف العمر يفكر فيما مضى ويعدد أخطائه ويتمنى لو عاد به الزمن ليصحح تلك الأخطاء ويفكر ايضاً في المرحلة المقبلة وهي على الأغلب تكون الرؤية لديه ضبابية لما يحمله له المستقبل.
مصطلح أزمة منتصف العمر ظهر في الستينيات من القرن الماضي تصف حالة يمر بها الانسان حين يقتربون من سن الأربعين بحيث يبدأ كما ذكرت بالتدقيق في الإنجازات التي حققها حتى اليوم ويتأمل أيضاً بعلاقاته في جميع المحيطين به فإن لم يكن مستعداً لتقبل التغيير الذي يفرضه عليه العمر فقد يمر بهذه الأزمة أما لو كان مستعداً سيمر بهدوء إلى مرحلة أكثر نضجاً.
في هذا المقال سأحاول أن الخص لك ما ستمر به قريباً لتنجو بصحتك النفسية والجسدية، عليك أن تعي جيداً الى متطلبات والتغيرات التي ستمر بها بكل مرحلة من مراحل حياتك وعليك أن تتقبل الشعور بالإخفاق والأخطاء لتخرج بأقل الخسائر، عليك أيضاً أن تبتعد عن اتخاذ القرارات الفجائية، لا تنتظر وصولك لسن الأربعين لتجدد نشاطك او أن تمارس هواية معينة إبدأ الآن ولا تنتظر أكثر. ابدأ بالاهتمام بجسدك وصحتك وعليك بعمل فحص طبي على الأقل مرتين كل سنة لأن الوقاية خير من العلاج.
الدكتور الروسي ألكسندر مياسنيكوف كشف عن مخاطر هذه الأزمة وطرق التغلب عليها وأكد أيضاً أن الطب لا يعرف شيئاً اسمه أزمة منتصف العمر، غير أنها معروفة لدى علماء النفس والذين يعتبرونها نوعاً من أنواع الاكتئاب مرتبط بإعادة تقييم الإنسان لذاته وللواقع، وهي كفيلة بالتسبب بـ انهيار نفسي خطير. ويتابع الدكتور انه في تلك المرحلة تدرك فجأة أن حياتك قد مضت ومضى معها ما كان فيها من الأشياء الجيدة أما أنت فلم تسابق الريح راكباً على دراجة نارية بسرعة 200 كم في الساعة ولم تقم مرة برحلة إلى الجبال، ولم تذهب إلى قاع البحر ولم تسبح مع أسماك القرش.. كيف حدث أنك فوت كل هذه اللحظات ولماذا لم تفكر في هذه الأشياء من قبل؟
ما قاله الدكتور اليكسندر هو وصف فعلي وواقعي لأزمة منتصف العمر ومع ذلك اعتبره أنه شيء رائع ونصح بالنظر إلى هذه المرحلة على أنها تمهيد لافتتاح واستكشاف آفاق جديدة وعلى الانسان ألا ينسى أن كل عقد جديد من الزمن خير من سابقة لكن يجب عليك أن تعيشه بالشكل الصحيح.