أساطير إصلاح المنظمات
عبداللطيف الزبيدي
لماذا صارت أكبر المنظمات العالمية أحوجها إلى الإصلاح؟ كأن الفساد «طعمه أطيب». المؤسف هو أن نفوذ الكبار هو المتسلط في المؤسسات العالمية، ما يذكّر بالمثل الصيني: «إن الأسماك يدب إليها الفساد من رؤوسها».
القانون غير القانوني، هو أن الأقوياء يفرضون مصالحهم الأنانية بالقوة. يقول لافونتين: «حجة الأقوى هي دائماً الأفضل»، أما الضعفاء فيرددون في صدورهم بيت المتنبي: «كفى بك داء أن ترى الموت شافيا :: وحسب المنايا أن يكنّ أمانيا».
لا حاجة إلى لوك الدعوات إلى إصلاح منظمة الأمم، ونظيرتها العربية؛ جامعتنا التي جعلت العرب على كل لسان؛ حيث ذكرت كثرة العدد بلا جدوى. الرأي العام الأعمى لم يبلغ من انعدام الفطنة حدّ اتهام ميكرونيزيا وليختنشتاين، ونظيراتهما من ذوات الخلية الواحدة، بإفساد المنظمة، فلو خطا أحد خطوة جادة فعالة على طريق إصلاح العيوب الكارثية في الأمم المتحدة، لحصد العتاة ساقيه.
أما جامعة الفرقاء العرب، فلم يبق من ولاء دولها لها، سوى عدم جرأة الأعضاء على قتلها الرحيم. بعض أهل الدعابة السوداء ادعى أنها فارقت الحياة من زمان، وأن العرب فاقوا المصريين القدامى في التحنيط، فإذا المومياء سبحان الله ما شاء الله كمن يمشي وهو نائم.
ما كان للقلم ليذي بأساطير الإصلاح، لولا ذلك النبأ العظيم الذي تناقلته وسائط الإعلام، عن اتفاق دول مجموعة العشرين على النظر في إصلاح منظمة التجارة الدولية. ظاهرياً، خبر يبشر بالخير؛ لأنها قياساً على المنظمتين الأممية والعربية، لم تفقد بعد أسنانها الحليبية، مولودة 95 قابلة للتقويم، لكن البشرى باطلة ولا تنطلي حتى على المغفلين، فليس ثمة في حجم الصين في التجارة العالمية، وها هي تهوي على دماغ تجارتها عقوبات بمئات مليارات الدولارات، وروسيا لها مئة نصيب، وأوروبا كلها تلاحقها مثبطات العزائم التجارية. غذاء فقراء العالم يحوّله الرأسماليون إلى وقود عضوي، وليحترق المملقون إلى أن يذوقوا ما كانوا يكنزون.
لزوم ما يلزم: النتيجة الصفراوية: قد تكون السترات الصفراء نذيراً بتعرية المستور.
abuzzabaed@gmail.com